ضرب محطة كهرباء منطقة اغا جاري الايرانية

8 أكتوبر , 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ)

صدق الله العظيم / الطارق 1 – 2

عبد الرحمن العبيدي

     4 / 10 /2016

 

1.لقد كانت الاهداف الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية في متناول صقور القوة الجوية العراقية ومهما كان بعدها فهي تبقى في قبضة صقورنا الابطال ,وقد استمرت فعالية صقورنا الابطال وبتخطيط محكم من قبل القيادة السياسية والعسكرية وبشكل مركزي مما ساعد على بقاء الموقف الجوي الملائم لصالحنا .
2.ففي يوم السبت المصادف (4 تشرين الاول 1980) تم تكليفي بواجب ضرب (محطة كهرباء أغا جاري) بتشكيل طائرتي سوخوي (22) بقيادتي (النقيب الطيار ق ر ورقم(2) الملازم الطيار سعد احمد جاسم ) كانت الطائرات محملة بحمولة (4×16=64) صاروخ (c5-k) + (2×800) كغم خزانات وقود اضافية + (2×80=160) طلقة مدفع رشاش (30) ملم , تم شرح تفاصيل الواجب من قبلي إلى رقم (2) وبدقة من بداية التشغيل والإقلاع وخط الرحلة وضرب الهدف والرجوع والنزول في (القاعدة) , والتي تعتبر هذه المحطة من المحطات الكهربائية الاستراتيجية الاساسية التي تعتمد عليها ايران في المنطقة الجنوبية من ايران في تغذية الطاقة الكهربائية ,
3.كانت سرعة الريح السطحي في منطقة الواجب شديدة ( 18- 20) عقدة ومن اتجاه الشمال إلى الجنوب مما يسبب في انحراف اتجاه مسار الطائرة اثناء طيرانها وقد يبعدها عن الهدف .
  1. تم اقلاع التشكيل بسلام والدوران إلى جهة اليمين باتجاه منطقة الهارثه (040)° والمسافة (20) كم والوقت (دقيقة واحده وثلاثون ثانية), وعند الوصول إلى مدينة (الهارثه) ثم الدوران يمينا باتجاه منطقة (كوت عبد الله) (052) والتي تقع جنوب مدينة الاحواز, ومن ثم الدوران إلى جهة اليمين إلى مدينة (خلف آباد) والمسافة (60) كم والوقت (أربع) دقائق والسرعة الجوية(900) كم/ساعة .
  2. تم التصحيح خلال خط الرحلة في الاتجاه الاول والثاني وقد تم الوصول إلى يمين مدينة (خلف آباد ) وبانحراف ما يقارب (3) كم والى جهة اليمين مما تطلب تصحيح للمسار مرات عدة , ان قراءة الخريطة من قبل قائد التشكيل قبل الاقلاع ضرورية جدا وذلك لمعرفة نقاط الدلالة على الارض مثل (مدينة – قرية – طريق عام – طريق نيسمي- نهر – سكة حديد – جبال – بحيرة) , استمر طيران التشكيل إلى الامام وبدأت الارض متموجة الى جهة اليسار ومنبسطة الى جهة اليمين , واستمر التشكيل باتجاه (125)° باتجاه الهدف والذي يمر من فوق مطار أغا جاري (الاميدية) وبلمحة بصر سريعة الى جهة اليسار شاهدت طائرتي (نقل)عسكرية متوسطة الحجم جاثمة بالقرب من السيطرة الجوية لتلك القاعدة .
  3. لقد رسخ في ذهني تدمير هذه الطائرتين بعد تنفيذي للواجب الرئيسي والذي يبعد عن المطار بحدود (50) كم , وخلال استمرار التشكيل بالطيران شاهدت أسلاك الضغط العالي( tension – Hi-) امام التشكيل مباشرة فبدأت بالتسلق بطائرتي إلى ارتفاعات (50-70) متر لتجاوز هذه الاسلاك ومن ثم الرجوع إلى الارتفاع المنخفض , اصبحت الارض جبلية بعد تجاوزي لسلسلة الجبال الاولى والثانية .
  4. انتهى الوقت المخصص للواجب (ست عشرة دقيقة وأربعون ثانية) , قمت بقلب طائرتي إلى جهة اليسار للنظر إلى الاسفل لمشاهدة الهدف , تفاجأت بعدم رؤيتي له عندها قمت بقلب الطائرة إلى جهة اليمين والنظر للأسفل لمشاهدة الهدف وقد تم مشاهدة الهدف اسفل طائرتي والى جهة اليمين, تم الدوران عليه والانقضاض بزاوية هجوم (20)° , تم تطويقه وحصره في مسددة طائرتي وأطلقت عليه جميع الصواريخ فأصابت الهدف اصابات مباشرة .
  5. خلال هذه اللحظات وعند انتهاء اطلاق الصواريخ (انطفأ) محرك طائرتي حيث استقر مؤشر عدادات دورات المحرك(RPM)الى (N1=32%) ومؤشر (N2=41%) وهذا يدل على ان محرك طائرتي قد (أنطفأ ) تماما وان الهواء الخارجي هو السبب في دوران مراوح المحرك التوربيني اضافة إلى ان المؤشرات الاخرى والتي تشير إلى انطفاء المحرك هي ( درجة حرارة المحرك تقرأ صفرا – منظومة ضغط الهيدروليك والهواء والدهن كانت قراءتها صفرا) , وخلال هذه اللحظات تم سحب عصا القيادة وتوجيه الطائرة إلى الاعلى للتخلص من وضعية الانقضاض على الهدف وإرجاع ضابطة الوقود (Throttle) على الدورات البطيئة للمحرك (IDLE)وكان الله تعالى حاضرا في قلبي ولم اغفل لحظة واحدة عن ذكره عند الملمات في ذهابي وإيابي فهو المستعان عند الكروب وهو المعين للجندي المؤتمن على ارض وسماء الوطن والأقدار كلها بيد الله فلا ذكر عندي سوى مناجاة الله الواحد الاحد القادر على كل شيء وبيده كل شيء وشدتي لا يعلمها الا هو فقلت بيني وبين نفسي مطمئنا هادئا مستجيرا مستغيثا مناديا رب الارباب (يا الله يا الله يا الله) ناسيا ان افتح (زر التشغيل الجوي) والذي يساعدني على تشغيل الطائرة جوا والذي هو اسفل يدي اليسرى .
  6. لقد كان السبب الرئيسي في انطفاء المحرك هو (اطلاق جميع الصواريخ في آن واحد مما ادى إلى دخول الغازات العادمة والمنبعثة من انابيب النفث في مؤخرة الصواريخ وسحبها داخل آخذة الهواء في مقدمة الطائرة مما يؤدي إلى اختناق المحرك وانطفاءه ), علما ان جميع محركات الطائرات تعمل بأربعة امور اساسية لا يمكن تجاوز اي منها وهي (الهواء النقي – الاوكسجين – الوقود – شرارة النار في غرفة احتراق المحرك ) ,وبعد استغاثتي بالله سمعت صوت (اشتغال) محرك طائرتي حيث وصلت عدد دورات المحرك ( M-R- P) إلى السرعات البطيئة (IDLE) وإذا بمؤشر محرك الطائرة (N1 – N2) يقرأ (57%) وهذا هو الوضع الطبيعي للمحرك حيث ازدادت درجة حرارة المحرك لتصل إلى (550)° مئوية ثم بدأت بالانخفاض حتى وصلت (350)° مئوية وهذه هي الدرجة الطبيعية لاشتغال المحرك مع اشتغال جميع المنظومات التي كانت تقرأ (صفرا) في الطائرة واشتغلت بصورة طبيعية , عندها بدأت ادفع بضابطة الوقود(Throttle) إلى الامام حتى وصلت على اقصى دوران للمحرك (R.P.M ) (100%) فرأيت الضوء الاخضر الخاص بالوضع الطبيعي لاشتغال المحرك على الدورات القصوى (MAXIMUM) مما زاد يقيني باشتغال الطائرة بشكل طبيعي .
  7. كنت اتصل مع رقم (2) اثناء وبعد المشكلة التي واجهتني ورغم هذا الحدث بقي قرار تدمير طائرتي النقل العسكرية في مطار (الاميدية) راسخا في ذهني , لذا قررت الرجوع باتجاه مطار (الاميدية ) وبدأ سطح الارض يأخذ شكلا متموجا اضافة إلى وجود اسلاك الضغط العالي والتي تعيق طيراننا المنخفض مما يضطرني للتسلق والارتفاع بطائرتي إلى الاعلى , تم الاتصال برقم (2) واصدرت امري بتحويل عتلة الاسلحة من وضعية (الصواريخ الى وضعية عتاد) فعند وصولنا إلى المطار تسلقت قليلا باتجاه موقع الطائرتين وقد قمت بحصر وتطويق الطائرتين بمســددة طائرتي واطلقت عتــــاد مدافعي الرشاشة (160) طلقة باتجاه الطائرتين وشاهدت اطلاقات مدافعي تصيبها وتحرقها) فصاح رقم (2) (سيدي احترقت الطائرات) فأجبته وقلت له (أنت هم اضربها ) فقال (نعم سيدي) خرجت من الانقضاض وقد بدأت اسلحة الدفاع الجوي المعادي بإطلاق اسلحتها (م/ط) باتجاه التشكيل الا ان السرعة العالية والارتفاع المنخفض ساعد في خروجنا من منطقة الهدف بدون تعرض طائراتنا لأية اصابة .
  8. بعدها قمت بالدوران إلى جهة اليسار وفتح (الحارق الخلفي) لزيادة السرعة وبعد لحظات توهج (ضوء التحذير الرئيسي) الذي يقع امام عيني مباشرة وظهور (الضوء الاحمر ) في لوحة الاضطراريات (Engine Over Heat) مما يشير الى ان (زيادة درجة حرارة المحرك ) فوق الطبيعي, وعندها اتخذت الاجراءات السريعة بإطفاء (الحارق الخلفي) وإرجاع عدد دورات المحرك إلى اقصى دورات (MAX- R P M) (فانطفأ الضوء الاحمر والإشارة الحمراء) وبعد قطع مسافة قليلة عاود( ضوء التحذير الاحمر والإشارة الحمراء) إلى الظهور من جديد فاتخذت الاجراءات بتقليل عدد دورات المحرك (R- P- M) إلى (95%) ومن ثم إلى عدد دورات (88%) , ان هذه الدورات الاخيرة هي افضل عدد دورات (لتبريد) محرك طائرة السوخوي -22 غير ان السرعة الجوية ستكون قليلة لتصل إلى (750-780) كم / ساعة .
  9. ان هذه الحالة الاضطرارية عند الطيارين وباللغة الروسية بحالة (البامباش) وهي وصول درجة حرارة المحرك إلى (1000) درجة مئوية خلال (ثانيتين) مما يؤدي إلى انصهار محرك الطائرة ,الا ان الطائرة مزودة بمنظومة (تلقائية) لمعالجة هذه الحالة وهذا ما حصل بالفعل عند حدوث هذه الحالة بطائرتي, بقيت مسافة الوصول إلى القاعدة بحدود (180) كم وكأنها 180 سنه , وباتجاه العودة للقاعدة (264)° والوقت (ثلاث عشر) دقيقة, نظرت إلى الرقم (2) يسبقني بسرعة عالية جدا باتجاه القاعدة فقلت له (سعد خذ مكانك رقم 3 وحافظ عليه) فاستجاب الرقم (2) ونفذ الامر , استمر التشكيل بطيرانه حتى عبور القطعات البرية الايرانية والوصول إلى قطعاتنا البرية قرب مدينة (الاحواز) فأطمأن قلبي للوصول إلى داخل اراضينا فقمت بشد الاحزمة الخاصة بكرسي القذف استعدادا لأي طارئ قد يؤدي الى انطفاء المحرك او زيادة درجة حرارته, تم التحويل من قناة القاطع إلى قناة القاعدة والاتصال بالقاعدة والنزول فيها بسلام , كانت طائرتي السوخوي -22 المرقمة (2073) والوقت الكلي (أربعون) دقيقة بيان رقم (59) الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة.
13.تم تسجيل الحالة الاضطرارية في سجل الطائرة وسحبت إلى الجناح الفني في القاعدة وبعد الفحص ظهر ان الطائرة عاطلة ومحركها متضرر بشكل كبير وتم استبداله بمحرك آخر وتم فحصها جوا من قبلي وظهرت بعد تبديل محركها بأنها صالحة للطيران .
14.كان من الاجدر بي ان اعود إلى القاعدة بعد تنفيذ ضرب الهدف مباشرة وخاصة بعد حصول مشكلة انطفاء المحرك , الا ان شعوري وإحساسي كمقاتل عراقي له شرف المشاركة في معركة مصيرية مع عدو غاشم دفعني إلى تنفيذ واجب آخر في نفس الطلعة الجوية , لم استطع مغادرة الاراضي الايرانية وقد شاهدت ان هناك هدف آخر يمكن ان ادمره وهي الطائرتين الجاثمتين في مطار (الاميدية) , فتوكلت على الله وقمت بتنفيذ المهمة .
هكذا كنا لا نغفل عن الاهداف التي ممكن معالجتها في الطلعة الجوية القتالية وهذا حرص من المقاتل العراقي الغيور.
عبد الرحمن العبيدي
الثلاثاء 4 تشرين الاول 2016
  1. airforce - أكتوبر 8th, 2016 at 9:56 ص

    ذكريات العز والشرف هي تلك التي نسعى دائما بموقع شهداء سلاح الجو العراقي ابرازها لتقر بها اعين شهدائنا احبائنا منتسبي سلاحنا الجوي في عليين ان شاء الله ، ادوار البطولة تتنوع بنوع المهمة واهميتها واسلوب ادائها من قبل صقورنا وفرساننا ومنتسبي دفاعنا الجوي الابطال .
    يذكر الصقر عبد الرحمن العبيدي ( كان من الاجدر بي ان اعود إلى القاعدة بعد تنفيذ ضرب الهدف مباشرة وخاصة بعد حصول مشكلة انطفاء المحرك , الا ان شعوري وإحساسي كمقاتل عراقي له شرف المشاركة في معركة مصيرية مع عدو غاشم دفعني إلى تنفيذ واجب آخر في نفس الطلعة الجوية وانا اشاهد هدف آخر يمكن معالجته وهما الطائرتان الجاثمتان في مطار (الاميدية) , فتوكلت على الله وقمت بتنفيذ المهمة وإيقاع اكبر خسائر للعدو .
    ان ماقام به الصقر قيس ربيع هو في عرف قواعد الاشتباك خطا قد يتسبب بقتله وكذلك رقم 2 ولكن وبعون الله وتوفيقه يذكر هذا البطل ان شعوره الوطني تجاه بلده والتعنت الايراني بستمرار الحرب جعلة اسير شعوره هذا .
    الله يبارك فيك اخي الحبيب عبد الرحمن العبيدي وبكل جهد مميز تقوم به من اجل احياء مثل هذه الذكريات مع محبتي وتقديري