حرب الناقلات صفحة مهمة من مأثر القوة الجوية ..نستذكرها وهي في عامها التسعين

19 مايو , 2022

لواء ملاح ركن فيصل حمادي
——————————————
١. حرب الناقلات مصطلح استمد اهميته من خلال المهام التي نفذتها القوة الجويه العراقيه في مياه الخليج العربي اتجاه الاهداف البحريه الثابته المتمثله بموانئ تصدير النفط والاهداف المتحركة المتمثله بناقلات النفط والسفن التجاريه الاخرى..بعد ان تولدت قناعات بان الحرب لن تتوقف بمدى قريب وان العمليات البرية لن تتمكن لوحدها ان تحسم ذلك بل شراستها وسعة مسارح عملياتها لن ينتج الا خسائر فادحة بالارواح وهدراً بالمال..مما زاد من تأييد استراتيجية ايجاد سلاح جوي له قدرة التاثير وامكانية الوصول واطالة الاهداف البحرية في عمق الخليج العربي للتأثير على الشريان الاقتصادي الذي يغذي امدادات الحرب والمتمثل بالنفط انتاجا وتصديراً ومدى انعكاسات ذلك على الاقتصاد المحلي والاقليمي والعالمي مما يحرك سعي المستفيدين الدوليين للحفاظ على مصالحها في المنطقة قد يكون عامل ضاغط لايقاف الحرب.
٢. قبل الحرب العراقيه – الايرانيه لن تتبنى القوة الجويه العراقية مفهوم العمليات البحرية بشكلها الواسع لان عقيدتها الرئيسيه بنيت على مهمة الدفاع والمواجهه مع العدو الصهيوني كعدو رئيسي للعراق والامة العربيه وكان ذلك واضحاً في استخدام القوة الجوية في حربي ١٩٦٧ و ١٩٧٣ مع الكيان الصهيوني مما استبعد ان تخطط القوة الجوية لاقتناء طائرات ذات مهام بحريه تضاف لقدرتها القتاليه .
٣. انتجت الحرب العراقيه – الايرانيه متغير جديد في مهمة القوة الجويه لتمتد عملياتها الهجوميه الى مياه الخليج العربي الممر المائي المهم اقتصادياً وتجارياً ومدى انعكاس التاثير عليه على الحرب بصوره مباشرة . ولتلك الظروف واهمية هذا العامل من وجهة النظر العسكرية فقد استاجرت القوة الجويه خمس طائرات فرنسيه طراز سوبر اتندر المسلحة بصاروخ اكزوزيت..كما ان طائرات الهليكوبتر طراز سوبر فرلون المسلحة بصاروخ اكزوزيت استخدمت بتلك العمليات ولكن مدى الطائرات وقدرة تاثير الصاروخ لن يحدث متغير كبير في مجرى العمليات بالرغم من انجاز تلك الطائرات مهام جيده علما انها كانت مقيدة ( بالمدى والتاثير )…ومع الضرورة القصوى سعت القوة الجويه بشكل جدي الى ايجاد النوع المناسب فكان الخيار طائرات الميراج F1 و زادت من اهمية تلك الطائرة خاصية الارضاع الجوي التي زادت من نصف قطر العمل وامكانية اطالة الاهداف التي تحتمي بمجال المدى ولكنها خضعت لنفس ظروف التقيد المتمثله ( بان حمولتها بقيت صاروخ اكزوزيت واحد اما الارضاع الجوي كان نهارا مما يعيق الاستفادة من المدى ليلا ).
٤. استمرت القوة الجويه بالبحث عن طائرة تتمتع بنصف قطر عمل مناسب مع قدرة تدميريه للسلاح من خلال حملها اكثر من صاروخ فوقع الاختيار وبالاتفاق مع فرنسا لتحوير طائرة نقل الشخصيات المهمة VIP من طراز Falcon 50..وفعلا تم ذلك وسميت الطائرة الجديدة ( اليرموك ). والتي تمكنت من اصابة الفرقاطة الامريكيه ستارك المتطورة جداً والمحميه بمنظومة دفاعيه تعمل اتوماتيكياً وقد ادى الحادث الى مقتل وجرح جنود امريكان على متنها وحينها اعتبر ذلك خطأ غير مقصود وتم تسوية الموضوع سياسياً .
٥. مع تلك التطورات استمرت القوة الجويه بسعيها للحصول على الطائرة المؤثرة في العمليات البحريه من حيث المدى وقدرة التاثير فقد وقع الخيار على قاذفة الصواريخ الصينية طراز B6D ذات المدى البعيد وحمولة صاروخين طراز C601 المضاد للاهداف البحرية الثابته والمتحركة ومن خواصه ( وزنه ٢،٥ طن ، وزن الراس الحربي ٥٧٦ كغم انفجار عالي ، مدى اطلاق ١٠٠ كم ، ارتفاع طيرانه ١٠٠ أو ٧٠ متر وسرعته 0,9 ماخ وسياق التوجيه اطلق وانسى fire and forget يعني توجيه ذاتي لنفسه من لحظة مغادرة الطائرة حتى اصابة الهدف )..تمكنت الطائرة من اطالة الاهداف البعيدة في الخليج العربي ليلاً من خلال مهاجمة الاهداف المحددة او عمليات الصيد الحر يعني البحث عن اهداف مبحره في الخليج ..نفذت الطائرة اول واجب قتالي ليلاً في ١٩ حزيران ١٩٨٧ على عقدة التحميل الجنوبية في الرصيف الغربي لجزيرة خرج وهذه احصائية للصواريخ التي تم اطلاقها اعتباراً من ١٩ حزيران ١٩٨٧ لغاية ٣ شباط ١٩٨٨ كانت ٥٤ صاروخ ٦ منها فشل اطلاق المتبقي ٤٨ صاروخ حققت نسبة اطلاق ١٠٠٪؜ ونسبة اصابه ٨٠٪؜ ) ….أستطيع ان اقول ان الطائرة اضافت قدرة مهمة الى القدرة الجوية التي بجميع مفاصلها سرعت من ايقاف الحرب بسبب تاثيرها الكبير وقدرتها التدميريه العاليه مما زاد من احداث اضرار كبيرة بالناقلات النفطيه وموانئ انتاج وتصدير النفط ورفع من رسوم التامين البحري من قبل شركة لويدز وكما هو معلوم مدى تاثير ذلك على ربحية التصدير والانتاج حيث خلق رد فعل دولي من قبل الدول المتضررة وقد شكل ذلك منعطف دولي ساعد على اهمية ايقاف الحرب واضطرار للقبول بالقرار ٥٩٨.
٦. التحديدات التي فرضتها امريكا على استخدام طائرة B6D في عمليات الخليج العربي :
أ. قبل القيام بالعمليات في الخليج العربي وفرض الحصار البحري حدد العراق بشكل رسمي لجميع دول العالم منطقة قتل من خلال تقسيم مياه الخليج ابتداءً من مضيق هرمز حتى جزيرة خرج محددا خطاً وهمياً وفق احداثيات مثبته على الخرائط وتسمية تلك المنطقة شمال هذا الخط exclusive zone..محذراً ان كل هدف يتواجد شمال هذا الخط يعتبر عدو وممكن مهاجمته في اية لحظه اما الاهداف المتواجده جنوبه باتجاه السواحل الخليجيه يعتبر صديق أمن وكذلك القوافل convoy المتجه للكويت والمحميه من قبل الزوارق الحربيه الامريكيه تعتبر أمنه عند ابحارها بالزون الامن وخلافه تعتبر عدو وهذا التحديد يشمل قوات الاسطول الخامس الامريكي المنفتح على سواحل مياه الدول الخليجيه وهذا جواب لماذا هوجمت الفرقاطه الامريكيه ستارك لانها كانت على تماس مع منطقة القتل الذي حددها العراق…سئل احد الضباط الامريكان من البحريه الامريكية العاملة بالخليج كيف اصيبت ستارك قال بالنص …….
it was in the wrong place and time

ب. بعد اصابة الفرقاطة ستارك وقبل دخول طائرة B6D عمليات الخليج العربي القتاليه اشعرت الحكومة الامريكية الحكومة العراقيه بان استخدام هذه الطائرة يشكل خطراً على الاسطول الخامس في الخليج العربي ولا نريد كارثة ستارك ان تتكرر وعليه قبل زج الطائرة بالعمليات القتاليه يتطلب وضع سياقات صحيحة لسلامة الطرفين وفعلاً شكلت لجنتين من الطرفين وعلى مستوى عالي لمناقشة الموضوع واصلت اللجنتين مهمتها باجتماعات متواصله في مبنى وزارة الخارجيه وتم التوصل الى سياق مشترك .
٧. السياق المشترك بين الطرفين :
أ . تقوم القوة الجوية باشعار الاسطول الخامس بوجود عمليات ضد اهداف بالخليج وفي منطقة القتل المحدده دون اعلامهم نوع ومكان الهدف .
ب.حدد الاسطول الخامس على الطائرة العراقيه بالتعريف عن نفسها حال وصولها فوق جزيرة فيلكة الكويتيه من خلال طلب الاسطول الخامس منها بالتعريف وعلى تردد اتصال يحدد من الاسطول يتم الاتفاق عليه مسبقاً.
ج. في حال تعذر الاتصال بين الطرفين لايحق للطائرة مواصلة طيرانها وعليها الغاء الواجب والعودة عندما تلامس خط العرض 29N المثبت على الخارطة والمار بحقول نفط ابو علي السعوديه وتحديداً بين الكويت والسعوديه وحصل ذلك عدة مرات علماُ ان الطائرة العراقية تتكلم على التردد المتفق عليه والامريكي يجيب بانه لن يسمع مما يفرض الالتزام والعودة واعتقد ان السبب مقصود وليس الاتصال تحسباُ منهم للاسوء .
د. على الطائرة المنفذه عند التنفيذ والعودة ان تخبر الاسطول الخامس انها فارغة من الاسلحة ( clean ).لكي يسمح بالمرور قرب القطع البحريه
ه. على الطائرة المتوجهه نحو الهدف تجنب الاقتراب من القطع البحريه الامريكية بمسافة لاتقل عن ١٥ ميل ان كان بطلب من الفرقاطه او بالمشاهده من قبل الطائرة بصرياُ او رادارياُ..الحقيقه استمر التعامل بتلك السياقات بشكل سلسل ولم يتعرض اي من الطرفين لاي احتكاك او خطر..واخيراُ اقول ان العمليات البحريه بالرغم من عملها لمسافات طويله ليلاً وبيئة عمليات معقدة من خلال تواجد الاسطول الخامس والسفن التجاريه والقطع البحريه الامريكية المرافقة للسفن التجارية المتوجهه نحو الكويت مع تداخل بيئة الاتصالات التجارية والعسكرية في المنطقةوضغوطات الحرب المعقدة الا ان القوة الجويه واجهت تلك المعاضل بكل شجاعة واستبسال وحققت نتائج مهمه ساعدت على التسريع في ايقاف الحرب وقد شهد المنصفون ان القوة الجويه قاتلت بشجاعة فاقت التصور وصبراً تجاوز المعقول..المجد والخلود للشهداء والعمر الطويل للاحياء.

  1. airforce - مايو 19th, 2022 at 8:47 ص

    احسنت النشر اخي الشجاع Faisal Ghadban لذكرى عزيزة علينا جميعا مستذكرا فيها أحد ادوارها الاستراتيجة المهمة للقاصفات الثقيلة .
    في الحقيقة كان لي دور مشارك مع ابطال هذا السلاح المهم لقوتنا الجوية.
    فبعد انهائي كلية الحرب العليا في مصر العروبة وحصولي على الشهادة العليا في فن الحرب تم تنسيني أمرا لقاعدة الحبانية الجوية (تموزالجوية) قبل الالتحاق اوصاني مدير الحركات الجوية الاهتمام بتطوير عمل القاصفات (السربين العاشر والسادس والثلاثون) سألته ماهو القصد من ذلك ؟اجابني لحدوث بعض الاخفاقات في التدريب انعكس على تنفيذ بعض الواجبات..احترمت رايه والتحقت في قاعدة الحبانية التي كانت تمثل قوة جوية تعبوية حقيقة لحتوائها على عشرة اسراب مقاتلة وقاصفة فعالة..
    وللوقوف على توجيه مدير الحركات بصدد القاصفات وانا طيار هجوم ارضي لم اطلع عن قرب لادوار هذه الطائرات..عليه كان لي التعرف عليها من خلال الطيران على المدربة(Similator) للطائرة Tu22 لعدد من الطلعات ومن ثم الطيران لحوالي عشرة طلعات تدريبية عملية مع أمر السرب ( ل ط )حفظه الله والرائد الطيار المرحوم موفق الزهيري وآخرين وعدد اخر من الطلعات التدريبية على الطائرة الصينية B6D حاملة صواريخ سلك وورم الثقيلة مع أمر السرب ( ك م ) بمشاركة الملاحين الابطال ..من خلال ذلك وجدت مستوى طيران السربين بمنتهى الدقة والالتزام واصبحت لدي ثقة عالية بسلاح القاصفات اثبت ذلك بادوارهم المشهودة في المهام المهمة الخطرة التي كلثو بهآ منها ( دورهم الحاسم في اليوم العظيم في ٢٥ ك١ ٨٦) والحصاد الأكبر و معركة الفاو الأولى والثانية وغيرها اما مايخص القاصفات الخاصة باستهداف السفن البحرية (B6D)وقطع شريان الاقتصاد الايراني كان دورا بطوليا نعتز به أسبابه عديدة اهمها وهن القاصفات من حيث السرعة والمناورة وطول مسافة المهام التي تجاوزت ١٢٠٠ كلم في أجواء ليلية خطرة وسهولة استهدافها من قبل السلاح الجوي المعادي ثم قلة سرعتها وعدم وجود وسائل حماية سلبية او ايجابية ناهيك عن الطيران الواطي جدا وسوء الاحوال الجوية فوق الخليج العربي..
    في الحقيقة كانت ايام مجيدة يجب ذكرها للاجيال الواعدة التي يحاول اعداء العراق تحجيمها عنهم . أكرر شكري وتقديري لاخي الشجاع Faisal Ghadban لمقاله مع اعتزازي بحضرتك.