بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران 1980 – 1988 الحلقة الحادية عشرة

16 ديسمبر , 2016

فكر استخدام  طيران الجيش في الحرب مع ايران

د علوان العبوسي

16 / 12 / 2016

 

عند بدء العدوان الايراني على العراق كان لطيران الجيش دوراً مهماً في اسناد المعارك البرية منذ بدايتها  لكافة قواطع العمليات سواء على الجانب القتالي او الاداري او اللوجستي ، وقد تصاعد هذا الدور بعد المعركة الفاصلة التي ساهم بها  في 27 تشرين الاول( اكتوبر) 1980 والذي اطلق عليه( بيوم السمتيات)  (.)  ليبقى ذكرى عزيزة لرجال هذا الصنف مدى التاريخ يفتخرون بانجازاته في الدفاع عن العراق العظيم .

 من الادوار المهمه لطيران الجيش في الحرب مع ايران (الاسناد الناري وقتال الدروع ، الرصد وتوجيه نيران المدفعية، الصولة الجوية للمحمولين والمنقولين جواً، الاستطلاع الجوي الميداني بانواعة ، الاسناد بالنقل والاسعاف الميداني جواً، مهام الحرب الالكترونية ، انارة ساحة المعركة ،الاسناد الجوي القريب ، مقاتلة السمتيات المعادية بطائرات PC-7 ،مهام الحرب النفسية ،الامن الداخلي، مهام اعادة البث الاسلكي جواً ، القيادة والسيطرة جواً ، الانقاذ…الخ)  .

و كان للموقف الجوي الملائم الذي امنته القوة الجوية والدفاع الجوي طوال فترة العمليات اهميته  لطيران الجيش لتقديم كافة انواع الاسناد  للقطعات البرية في كافة قواطع العمليات ، ومن الادوار القتالية التي يفتخر بها  طيران الجيش دوره في قتال الدروع والاسناد الناري المباشر الذي خفف العبء على القوة الجوية وجعلها تهتم بمهامها الرئيسة المباشرة وغير المباشرة وقد وجدت من المناسب عرض فكرة عامة عن هذا الدورمن خلال الاستبيان التحريري عبر المراسلة الالكترونيه في تشرين الاول( اكتوبر)2011  مع احد ابطال هذا السلاح المشاركين في معظم المعارك التي خاضها طيران الجيش ،يقول اللواء الطيار(؟)،  ((لأول مرة في الحرب مع ايران كلفت السمتيات بمهام الاسناد الجوي القريب واخص بالذكر طائرات مي/ 25 بمقذوفات  (سكوربيون) وطائرات الغزال بمقذوفات (هوت) في مقاتلة الدروع والاليات الايرانية ،  عندما استخدمت استخداماً تعرضياً في المجالات التي حالت فيها طبيعة الارض وحركة الدروع وتطور المعارك دون ان تكون الاسلحة الارضية المضادة للدروع فعالة في تدميرها و ظهر ذلك واضحاً في معارك الخفاجية الاولى والثانية في كانون الاول (ديسمبر) وتموز(يونيو) عام1981 ،وسربيل زهاب في ايلول (سبتمبر)1981 ،والبسيتين شباط (فبراير)1982 ، ومعارك شرق البصرة الاولى في تموز (يوليو)1982 ، ومعارك مندلي تشرين الاول (اكتوبر)1982 ، ومعارك الطيب تشرين الثاني(نوفمبر)1982 ، ومعارك شرق البصرة الثانية في شباط(فبراير)وآذار(مارس) عام 1984 ، بعد  تكبيد القوات الايرانية  خسائر جسيمة في دروعها وآلياتها ، بعد ان َخططت إيران  باتباع اساليب قتال جديدة تعتمدعلى زج أعداد كبيرة من المشاة وغالباً ما تكون هي القوة الرئيسة في هجومه  يعقبه تقدم الدرع والعجلات المدرعة ، لذا برز دورالطائرات السمتية في واجبات الاسناد الناري المباشر ضد هذه الكتل البشرية ومعالجتها باستخدام الصواريخ الحرة والمدافع الرشاش وخاصةً في مناطق الاهوار التي استخدمتها إيران كغطاء لعملياتها اثناء التقدم والهجوم  بحكم وجود البردي والسبل المائية المخفية التي سهلت عمليات تسلله الى مواضع القطعات البرية العراقية ، حيث أمنت السمتيات كشف وتميز الاهداف المعادية ومعالجتها خلال هذه المناطق بصورة فعالة ، وكذلك أسهمت بالتنسيق مع القوة الجوية في بعض مهام الاسناد الجوي  القريب  أثناء  المعارك الفاصلة الكبيرة التي تميزت بالاستخدام المكثف للدروع  والكتل البشرية الايرانية الضخمة بالمقابل محدودية الجهد السمتي المتيسرلهذه المهام  ناهيك عن الخسائرالتي تكبدها طيران الجيش بالطوائف الجوية والطائرات نتيجة لبعض الاستخدامات المخطوءة لهذا السلاح من  بعض القادة الميدانيين  المخصصة لتشكيلاتهم  ، دفع بمديرية طيران الجيش الى الاهتمام بادامة القدرة القتالية لتشكيلاتها من خلال اعادة النظر في تجهيز بعض الاسراب بالطائرات السمتية الملائمة لدور مقاتلة الدروع والاسناد الناري ،اي تجهيزها بنوع من السمتيات متعددة الاغراض وكذلك تم تبديل طائرات السربين (21 و22 )الى طائرات نوع (الغزال) المسلحة لهذا الدور و تشكيل السرب /106 وتجهيزه بطائرات  (بي او 105) وتسليحها كأول تجربة لاستخدام هذا النوع من السمتيات الخفيفة التي دخلت الخدمه الفعلية خلال الحرب في آب(اغسطس) 1982 ،لذا اصبحت القوة الضاربة لطيران الجيش من السمتيات المسلحة مؤلفة من سربين طائرات( مي 25 – وهي 61 و66) واربعة اسراب من طائرات (الغزال وهي سرب31 و 88 و21 و22 )وسرب واحد من طائرات ( بي او / سرب 106) وسرب واحد من طائرات( الوت/ 3 هو سرب/ 30 ) وقد كان لهذه الطائرات والاسراب الثقل الميداني المؤثر والمميز في اسناد المعارك البرية واصبحت تتواجد في مختلف قواطع العمليات رغم اعدادها المحدودة ،كما اولت هذه المديرية  اهتمامها في الادامة والتصليح لرفع الصلاحيات باسرع مايمكن للحفاظ على التوازنان المطلوبة لاسناد المعارك البرية  ، واثناء الاستخدام  ظهرت  معضلة القرار على أسبقيات المهام لطلبات القوات البرية التي كان يخصص لها اعداد محدودة من هذه السمتيات عندها  اتخذت مديرية طيران الجيش  العديد من القرارات لتعزيز القدرات القتاليه للتشكيلات السمتية المسلحة اهمها ماياتي( استحدثت عام 1984   منظومات ومعدات رمي الصواريخ الحرة عيار 81 ملم على طائرات – مي25 – بغرض استخدامها في معالجة الاهداف غير المدرعة بالاضافة الى تسليحها بالمقذوفات الموجهة ضد الدروع وتحقيق الحشد الناري مع المرونه وفق متطلبات المعركه . كما استحدثت نفس المنظومة عام 1986 على طائرات (BO -105)  وتم استخدامها  في معارك الفاو عام 1986 .كذلك اجري تحوير من قبل شعبة الهندسة وقسم الاسلحه على تسليح هذه  الطائره بصواريخ  C3K))ذات الاختراق العالي للدرع وصواريخ (C5KO)ضد الدروع والاشخاص لزيادة القدرة القتالية للطائرات كما جرى   تركيب حاويات الصواريخ الحرة على طائرة – الغزال-  عيار 68 ملم ذات التشظية المسمارية ضد الاشخاص والمستخدمة على طائرة الميراج ف1 حيث انجز هذا المشروع بالتعاون مع القوة الجوية عام 1984 وهذا ايضا حقق الحشد الناري المطلوب ضد الحشود الايرانية المعقبة في معركة تاج المعارك آذار1985 ومعركة سيدكان في تموز1985 والمعارك  اللاحقة  .

ومن الادوار الاخرى المهمة لطيران الجيش في معركتنا مع ايران دورها اللوجستي  بنقل القطعات البرية داخل العمق الايراني وتسهيل مهامها  كما ظهر في معارك سربيل زهاب ايلول (سبتمبر) 1981 وكيلان غرب كانون الاول(ديسمبر) 1981 ومعارك الراقم 1172 شرق منطقة نفط شاه على عارضة (داراوان) في 15 كانون الاول(ديسمبر) 1981 ،حيث ساهم سلاح الجو السمتي  نقل  القطعات من مناطق تواجدها البعيدة وانزالها بالقرب من المناطق الامامية لتعزيز بقية القوات التي كانت تشتبك فعلاً بمعارك حاسمه مع القوات الايرانية  في هذه المناطق ، وكان لهذا السلاح الدور المتميز بواجبات الانزال و الصولة الجوية والاشتباك المباشر مع القوات الايرانيه   برغم نتائجها السلبية احياناً  ، ففي معركة  (كردمند الاولى) التي حدثت خلال شهري تموز / آب عام 1983 ، تم ولاول مرة تكليف طيران الجيش بعملية صولة جوية على منطقة الراقم ( 2519) وبرغم النتائج التي تحققت من جراء عملية الصولة هذه الا ان هنالك جوانب مهمة واساسية كان لابد ان تؤخذ بنظر الاعتبار قبل التنفيذ مثل (عدم ملائمة منطقة الانزال ،محدوديات الطائرة الفنية بالارتفاعات العالية ، قدرة وامكانية محرك الطائره  ، الحموله ، الحالات الطارئه ، الاخلاء ، الخسائر ، رد فعل العدو …الخ ) .  احد الادوار البطوليه الاخرى لسلاح الجو السمتي  معركة تحرير الرواقم (2519 كردمند ،2435 كردكو ،2995 كودو) في قاطع الفيلق الخامس  بتاريخ 15 – 28 ايار(مايس)1986 (في منطقة شرق ديانا وكلالة) ، وبرغم ان خطة تنفيذ العملية قد اوكلت للسمتيات في امر التكليف  نقل قطعات تعزيز للفرقه 23 عند قيامها باحتلال منطقة الرواقم المشار اليها  لكنها تحولت الى مهام اسناد ناري مباشر وصولة جوية جريئة ومباغتة على هجوم القوات الايرانية  خلافاً لامر التكليف والذي كان يشير الى مهمة نقل قطعات ، و الامانة تدعونا الى الاشارة بان هنالك معارك عديدة ناجحة لقواتنا البرية لكن اسيىء  استخدام الجهد السمتي فيها  دون تقدير اهميته ،ولكي لا يفوتنا شئ عن عمليات الانزال و الصولة الجوية في 25 تموز(يوليو) على منطقة سيف سعد (عارضة ميمك)  بقاطع عمليات الفيلق الثاني ، حيث ُكلف طيران الجيش بمهمة إنزال واسعه في هذه المنطقه و لم تكن الاستحضارات والتخطيط  في مثل هذه العمليات  كافيه  لآختيار مناطق النزول الصالحة للصولة  الجوية التي حددت في امر التكليف ان تكون  فوق العدو (انزال راسي) على جبل ميمك ،حيث تواجدت قواته  بمواضع مخفية ومموهة جيداَ بين الوديان وفي السفوح على شكل كهوف ومن جميع جهات منطقة الانزال وصولاً الى القمة من العمق ، وبرغم القصف التمهيدي  من قبل  المدفعية والقوة الجوية  والسمتيات العراقية  للمنطقه فقد فوجئت السمتيات بهذه القوات تسبب عنها خسائرجسيمة بالطائرات والقوات البرية الصائلة تسبب عنه استشهاد  خيرة طياري هذا السلاح  ، وكان التقييم العام لهذه الصولة الجوية الفشل التام  ،  بعد هذه المهمه  اصبحت درساً مستفاداً في فكر استخدام السمتيات لمثل هذه المهام مستقبلاً ، والشاهد على ذلك  التخطيط والاعداد والتنسيق لعمليات(رمضان مبارك ،وتوكلنا على الله الثانية والثالثة والرابعة)ربيع عام 1988 التي نفذت خلال (نيسان وتموز عام 1988 )  اثبتت كفاءة العقلية العسكرية العراقية  في التخطيط  للعمليات التعرضية بشكل عام واستثمار الجهد السمتي بشكل خاص في تلك المراحل الحاسمة ، منها تم تنفيذ عملية انزال وصولة جوية في 22 حزيران 1988 بقوة لواء قوات خاصة بكامل تجهيزاته القتالية في اماكن منتخبة بعناية ودقة في عملية توكلنا على الله الرابعة بمنطقة كيلان غرب ومقر الفرقة المدرعة  81 الايرانية  التي تكللت بانهيار كامل للقوات  الايرانية وتكبيدها  خسائر كبيرة بالافراد والمعدات وارباك معنوياته ومناطقه الخلفية الامر الذي ادى الى تسريع انهياره امام قواتنا البرية بعد  استحضارات وتخطيط وتدريب مشترك مع قوات الحرس الجمهوري في القاطع الاوسط من العمليات )) (*) .

المصادر

  • بتاريخ 23/ت1/1980 في اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة تم دراسة ومناقشة كافة النواحي التعبوية الخاصة بطيران الجيش ومتطلبات العمل المشترك مع القوات البرية لتحقيق اقصى استثمار للجهد السمتي المتيسر لاسناد المعارك البرية ، وتخفيف الجهد عن القوة الجوية في المهام القريبة من القطعات البرية وعلى ضوء  ذلك  تم القرار على ما يلي(    تمثيل طيران الجيش في المقرات البرية من خلال المستشارين من مديرية طيران الجيش ،  التخطيط لاستخدام الجهد السمتي المخصص بصورة مشتركة وتكون السيطرة عليه مركزية من اعلى مستوى بمقر الفيلق بعد التشاور مع آمرجناح الطيران ذو العلاقة بمنطقة مسؤولية الفيلق ،  تعيين يوم خاص لطيران الجيش اسوة بيوم القوة الجوية والبحرية يسمى يوم السمتيات) . ثم صدر القرارعلى قيام طيران الجيش وفق  خطة مفصلة لأستثمار الجهد السمتي المسلح بشكل مركزي ضد اهداف معادية تم انتخابها بدقة في العمق التعبوي الملائم لعمل السمتيات ضمن ساحة عمليات الفيلقين الثاني والثالث ثم القرار على حجم الجهد الجوي المطلوب  من الطائرات وحمولاتها من  الأسلحة بما يتناسب والمهمة التي ستكلفت بها لتدمير اكبر ما يمكن من دروع ومدفعية ومواضع العدو المتواجدة في منطقة عمليات الفيلقين التي قسمت الى  خمسة قواطع  وكما يلي (  قاطع سربيل زهاب_ سومار/فل2 ، قاطع مهران – سيف سعد/فل2، قاطع ديزفول/فل3 ، قاطع الأحواز- الخفاجية/فل3 قاطع عبادان – المحمرة/فل3 ) تم اختيار يوم 27 ت1 1980 لتنفيذ العملية وانيط بمقر مديرية طيران الجيش قرار تعيين توقيتات الضربة واتخاذ اجراءات التخطيط والتنفيذ بالتنسيق مع هيئات ركن الفيالق المذكوره والقوة الجوية والدفاع الجوي وتخصيص الجهد السمتي باقصى قوة ممكنه لكل قاطع ، وتم اعداد مسرع العمليات المناسب للعمليه . تقرر ان يكون التنفيذ بالساعه 1200.   نفذت المهمه في التوقيت واليوم المحددين  بنجاح ،  حيث فوجئ العدو بضربات  منسقة ومركزة   وتكبد على اثرها خسائر عديدة في دروعه وآلياته ومدفعيته ومواضعه المختلفة وقد ذكرت  في (بيان ق ع ق م الرقم 107  الصادر يوم 27 ت ان عملية يوم السمتيات كانت تستند على اهم مبدأيين هما الاستخدام القائم على الروح  التعرضية والمباغته والتعاون المنسق والدقيق .)

* .اللواء الطيار ( ؟ ) احد فرسان طيران الجيش .