قصتي مع علبة الماكنتوش خاطرة اقترنت بزمن البطولات

25 سبتمبر , 2018
اللواء الملاح الركن فيصل حمادي غضبان
المكان قاعدة تموز الجوية تحديدا غرفة حركات القاعدة في الهضبه المكان الذي ننطلق منه لتنفيذ المهام والتي تاتي احيانا كأوامر حركات من قيادة القوة الجوية بواسطة جهاز الكربتو واحيانا نستدعى لعمليات القوة الجوية للايجاز حول الواجب وتسلم شفافة رسمت فيه خطوط الطيران والهدف المقصود والتوقيتات باستثناء اليوم يتم الاخبار عنه هاتفيا وحسب الظروف الخاصة بالواجب والمتغيرات التعبوية ذات الصله…واي كان نوع وطبيعة الهدف يكون امر القاعدة وامر جناح الطيران المسؤولين والمشرفين على انجاز متطلبات الواجب بالتعاون مع امر السرب ويتم تحديد طاقم التنفيذ وفق اعتبارات متبعه ضمن سياقات التخطيط والتنفيذ اما الايجاز النهائي لطاقم التنفيذ يجري من خلال  امر القاعدة…الحكاية بدأت بعد دخول سلاح جديد للقوة الجوية ذو تاثير كبير في مجرى العمليات الاختصاصية لطائرة B6D قاذفة الصواريخ المضادة للاهداف البحرية فكان هذا المتغير حصل عام ١٩٨٧ في حينها كان امر القاعدة العميد الطيار الركن علوان العبوسي ولخصوصية الواجبات كان الجانب الانساني محط اهتمام امر القاعدة فكانت  منه عنايه خاصه يتصرف بها مع الاهتمام بالجوانب القتاليه..خلال هذه المسيرة عمرها امتد سنة ونصف ولكن مهامها ونتائجها لن تقدر بزمن ..كانت جميع الواجبات ليلا …كان المتبع  بعد اكمال الايجاز وقبل الاتجاه الى الطائرة يبادر امر القاعدة باخراج علبة المكنتوش الانكليزيه الذي يحتفظ بها خصيصا لنا ليإخذ كل واحد منا منها ..قائلا يساعدكم  على تنشيط الجسم والنظر وخاصة في ظروف طيران صعبه فوق مياه الخليج  حيث نكون لوحدنا سوى الله عزوجل في بيئه معقدة ( سماء وماء وعدو ).. مع بعد المسافة ومشقة الطريق وانفصالنا عن حياتنا الخاصة لا تفكير لنا سوى تنفيذ الواجب وبلوغ الهدف وبما اننا نحن الذي نعلم بحالنا كانت هناك قلوب اكثر قلقا علينا لان لاعلم لهم بحالنا سوى الوقت التقريبي لاجتياز المكان هم رفاق السلاح في غرفة حركات القاعدة وعلى راسهم امر القاعدة علما ان اتصالنا بقاطع الدفاع الجوي العراقي ينقطع حال عبورنا جزيرة فيلكة الكويتيه ..عند تنفيذ الواجب والعودة وحسب مامخطط له الطيران فوق الكويت ويكون النداء الذي ينذر ويبشر عودتنا سالمين عند الاتصال بقاطع الدفاع الجوي نحن الان  (فوق الشقيقة )…فيتنفس الصعداء منهم في الارض على سلامة عودتنا عندها نتذكر چكليت الماكنتوش  كل واحد منا يمد يده الى جيب بدلته فتكون المفاجئة ان الچكليت تحول الى دبس بسبب حرارة مقصورة الطائرة الخاليه من التبريد..انا شخصيا حصلت معي حكاية بعد العودة من احد الواجبات الليليه البعيدة حصل لي شد عضلي اعاق حركتي مما ادخلني مستشفى تموز العسكري ليلة كاملة وكان المشرف على حالتي امر المستشفى المرحوم العقيد الدكتور مهند غادرت المستشفى صباح اليوم التالي ومنحت اجازة ثلاثة ايام لاكمال العلاج وبما ان سكني في المعسكر فكان الحميع  على تواصل معي …اتصل صباحا السيد امر القاعدة للاطمنان على حالتي قائلا للمزحة ( ما مليت مگابل مرتك )..راح ادزلك سيارتي يجيبك للحركات … علما سبق وان استدعيت لعمليات القوة الجوية وتم ايجازي على واجب بكل تفاصيله واستلمت شفافة بذلك كاملة التوقيتات باستثناء يوم التنفيذ اتضح ان العمليات الجوية اعلمت امر القاعدة اليوم هو التنفيذ بكلمة جفرية ( الامانة الي عند فيصل اليوم يسلمها )..وبما ان وقت الاقلاع الساعة الخامسة عصرا كان لدينا حيز من الوقت فكان الحديث عام وكيف صحتي واخذ السيد امر قاعدة يسأل دكتور مهند عن حالتي هل تتوقع اية مضاعفات تحصل فكان رد الدكتور بعد الاجازة يفحص وتقرر صلاحيته للطيران…كان المرحوم العقيد الطيار موفق عبدالواحد الطيار الذي معي بالواجب موجود ..حينها سئلني امر القاعدة ( فيصل الملاح يحتاج كل جسمه بالطيران انا تبادر الى ذهني ان الامانه يجب تسليمها اليوم…اجبته ضاحكا لا سيدي يحتاج من الحزام فوگ هذا بس بالطيران بغير شي ؟..ضحك مازحا ).. بعدها تكلم بحزم فيصل الجماعة اتصلوا اليوم تسلم الامانه ..اذا صحتك ماتساعد لا تحرج نفسك  يؤجل الواجب الى يوم اخر اجتبه سيدي انا فت واكدر اطلع من غرفة الحركات راكضا…هنا تدخل عقيد  موفق قائلا سيدي اذاانتكست حالته وأصيب  بشلل شراح نسوي…اكد امر قاعدة هل انت واثق بانك قادر صحيا اجبته سيدي لدينا ٨ ساعات للاقلاع وان شاء الله يصير خير..بعد ساعة اتصلت العمليات الجوية بامر القاعدة  لتبلغه حصل تعديل بخط الرحله لغرض  الابتعاد عن السواحل الخليجية وخاصة الدوحه مما زاد من المسافة المطلوبة  وان ذلك لا يتناسب مع كفاية الوقود مما يتطلب الاقلاع من قاعدة متقدمة مع الاحتفاظ بنفس التوقيتات وهذا امرا مستحيلا لضيق الوقت وخاصة تامين مفرزة تذهب مع السلاح وهنالك يتم التحميل…بعد  ان طلبت القيادة من امر قاعدة ولاعتبارات ذات صلة بالدول التي يكون الطيران ملامس لحدودها اوجدت تحديد حاكم بان ينفذ الواجب هذا اليوم حتما…طلب مني امر القاعدة دراسة الحالة واعطاء القرار الحاسم…بعد الاطلاع على كتيب تحديدات الاقلاع الامن للطائرة تبين ان الطائرة  تستطيع الاقلاع بوزن زائد خمسة اطنان بشرط ان تكون ظروف الاقلاع مثالية ولكن عند انطفاء احد المحارك خلال الاقلاع ستتحطم الطائرة…حقا موقف محرج ولكن امر قاعدة اجاب لايمكن المجازفة بحياتكم وممكن اتصل وأوجل الواجب….سبحان الله كان في ذلك اليوم الجو في المطار مثالي للاقلاع وفق المتطلبات الفنية بقى الاحتمال الاخطر هو انطفاء المحرك اثناء الاقلاع….اخيرا اتخذنا القرار بالمضي في الواجب …قبل الاقلاع تواجد امر القاعدة في برج السيطرة للتواصل معنا ومعه احد الاخوان الذي قام بتلاوة ايات قرانية وادعية سلامة كنا نسمعها من خلال جهاز الاتصال واخيرا وبعون الله اقلعت الطائرة بسلام ونفذ الواجب بالدقة المطلوبة…..وهكذا كانت الحكاية وتكررت مع الكثير من رفاق السلاح ولكن كانت الارادة اقوى من اي معوق ايمانا بان الجود بالنفس  أسمى غاية الجود…الرحمة للشهداء والعمر الطويل للاحياء .
السرب العاشر - قاعدة تموز الجوية
فيصل حمادي وعدد من الشهداء

كاتب المقال مع بعض زملاء المهنة

  1. airforce - سبتمبر 25th, 2018 at 7:10 ص

    كم هي لحظات السعادة قليلة في زمان مابعد احتلال العراق 2003 ، وكم هذه اللحظات تسعدني لمن يذكرني بالواقع الاخوي المصيري الذي كنا نعيشة ولكن نفحات وريح السعادة تطفي علينا نسيما باردا او دافئا طالما هو من اجل نصرت العراق شعبا وقيادتا وابطال سلاحنا الجوي الميامين الذين لم يالو ا جهدا الا وقدموه دون تردد ، والله ذكرني الصقر فيصل بهذه الحادثة البسيطة التي كنت اراعي فيها شعور الطيار وهو بطائرة بطيئة قديمة تفتقر الى المناورة لتجنب اي تهديد قد يحصل في ظلام الليل الهالك بارتفاع واطي جدا فوق مياه الخليج العربي ،وهم بواجب اصطياد بؤر الشر في ايران لكي يجعوا قياداتها تنهي الحرب التي باتت تقلقنا جميعا ،والعراق يطالب بايقافها في كل مناسبة ومنذ الايام الاولى لها ،ولكن صفة الحقد المجوسي لاتزال عالقة في اذهان القادة الايرانيين ، لك مني كل الحب والتقدير اخي الحبيب الصقر الشجاع فيصل حمادي ابو غزوة المحترم
    علوان العبوسي