حدث في مثل هذا اليوم 23-9-1980 ج/2

29 سبتمبر , 2020

 

 

حدث في مثل هذا اليوم 23-9-1980 ج/2

اللواء الطيار الركن بطل القادسية

تم نقلي إلى الردهة الجراحية الثانية في مستشفى الرشيد وهناك أستقبلتني أخت كريمة وقالت لي أخي أنا خريجة كلية التمريض وأريد أن أزيل الدم الذي تجمد في تجاويف الأنف وسد المجرى التنفسي وهي تفعل مشكورة جزاها الله خيرا دخل شاب طويل أسمر بهي الطلعة وأمر الجميع بمغادرة الغرفة قائلاً أنا ضابط مخابرات رجاءً الكل للخارج وتحدث معي قائلاً: السيد مدير الجهاز يخصك بالسلام ويهنئك على سلامتك ويقول ماذا يأمر الطيار فقلت له أبلغ السيد المدير شكرنا وتقديرنا وعرفاننا وقل له إني وأهلي ومالي وأولادي فداء للعراق ….ولكني أطلب أحضار سكين كانت في رجلي اليمنى معتز بها وهي كما يقال ماركة أم الغزال أخذتها من المرحوم الطيار فيصل عبد محمد ( أبو قادسية) عندما كنا تلاميذ في أيطاليا ، ومسدسي الشخصي نوع براوننك 9ملم شورت والمظلة التي قفزت بها وقال تؤمر ….وغادر مسرعاً وبعد منصف النهار بدأت أشعر بآلام شديدة جداً في ظهري نتيجة الخروج بكرسي القذف من الطائرة مما أضطررت أن أنادي اخي المرحون ن ض صبيح متوسلاً أليه أن يأخذني للأشعة والوقت قارب العصر وفعلا نقلني محمولاً على السدية إلى الأشعة وأجري اللازم ونحن في وقت المغادرة لقسم الأشعة صاحت صافرات منذرة بغارة جوية وهو يدفعني بالسدية ووصلنا إلى منتصف الساحة الوسطية للمستشفى وإذا الطائرات الأيرانية فوق رؤوسنا مسرعة والدفاعات الجوية تطاردها فتركني وحيداً على السدية بوسط الساحة من حلاة الروح…وأنا أشاهد الصورايخ فوقي تنطلق في كل إتجاه ومدافع 57ملم تمر مثل الجمر من فوقي فصرخت مناديا يمعود أدفعني يم الساقية وفعلا دفعني رحمه الله وتمدد هو بالساقية ليتفادى الشظايا أو قصف محتمل…..وبعد أنتهاء الغارة حملني إلى غرفتي والآلام مزقتني وجائني د ثروت حميد وأعطاني دواءً مسكناً وأبرة في الوريد ومن المفارقة نحن زملاء في الثانوية المركزية ولم يتعرف عليَّ لأن وجهي أصبح دبل كما يقال من شدة الورم والأصابة … وكانت لدي مشكلة وهي أن زوجتي أم حذيفة كانت لوحدها في البيت مع الحجية أمها رحمها الله وكنت قد أتصلت بهم قبل يوم وكان نسيبي بالصدفة بالبيت فقلت له أرجوك أخاف يتصلون عليكم جهات معادية للوطن ويقولون أن أبنكم مات أو أسر فقل لهم أيطبه مرض …ولم أتوقع بأني في اليوم الثاني سوف أتعرض لحادث وطلبت التلفون وأتصلت بزوجتي وأنا أتكلم  بحشرجة والأنف مغلوق من كثرة التخثر في مجراه وقالت لي وين أنت صوتك أشبيه فقلت لها سلامتك دا أصعد على درج الطائرة وأنزلقت رجلي فسقطت على وجهي ..وأشتغل فاصل البكاء…ولما جن الليل عليَّ لم أستطع النوم وشربت أكثر من 3 ترامس ماء يمكن من شدة النزف الذي عانيت منه أثناء الحادث.ونظرت إلى وجهي في المرآة بالساعة 200 وأقسم لولا إني أعلم أنه لايوجد غيري في الغرفة لقلت أنه هناك رجل آخر ينظر في المرآة من شدة الورم..وفي الصباح أمرت الجميع بفتح الشبابيك وعدم إغلاقها تحسباً من أي قصف معادي وتجنباً للشظايا وجاء الدكتور ثروت فقلت له د أنت مو فلان فقال نعم فقلت له شنو ما عرفتني قال والله الأسم عرفته بس شكلك وأنت بهذه الصورة مستحيل أعرفه …وجائني رجل أسمه نقيب محمد الجبوري وهو من أهل الشرقاط مقطوعة ساقه وقال لي والله عرفت من شدة المقاومات سوف يتم أسقاط ربعنا فقلت له كيف جرت أصابتك فقل: رماني أبو الفانتوم F4 برشقة صواريخ وجائني الصاروخ ورأيته بأم عيني ولم ينفجر ولكن ضربني مثل الحديدة وقطع ساقي….ثم رأيت آخرين كل أصابته إصابة شرف وعز وكرامة للعراق خصوصا من القوات الخاصة البطلة…وكان من بينهم النقيب قوات خاصة إسماعيل إبراهيم رمزي وكان أخوه البطل المرحوم قيصر أبراهيم رمزي أمري ومدربي وتبادلنا الأحاديث وجائني عمي المرحوم اللواء حسن صبري محمد علي وكان معاوناً لرئيس أركان الجيش في زمن المرحوم عبد الرحمن عارف وطلبت منه أن يخرجني لأني حقيقة لم أتحمل مشاهدة تلك المشاهد القاسية للجروح والأصابات وفعلاً أحضر معه اللواء الطبيب أبراهيم مدير المستشفى لأنهم تربطهم صداقة وقال لي المدير أبني لماذا تريد أن تغادر لسه أنت مصاب فتوسلت له وفعلاً نفذ رغبتي وحين أوصلني عمي ألى الدار وشاهدتني أم حذيفة أنهارت للأرض وأجهشت بالبكاء وحمدنا الله على كل شيء….وكان والدي سفيراً في نايجيريا ووالدتي وأخوتي جميعا معه بداية التعيين وأخي د نصير  كان في بطولة عربيى لكرة اليد خارج العراق فكيف لي أن اوصل خبراً لهم فعلمت أن هناك مستشاراً في السفارة العراقية موجوداً في الأعظمية وهو المرحوم عدنان آصف فذهبت أليه وأن مجبر الوجه حيث أجريت لي عملية كسر أنف وتعديل ورويت له كل القصة وذهب بعد فترة إلى نايجيريا وأخبر والدي بالقصة فقام والدي بأعادة والدتي للعراق وجائت وشاهدتني وتدرون قلب أم …..وذبحنا ثوراً على سلامتي وجائت صديقة والدتي المدرسة نداء دفراوي ام أحمد ومعها خروف بالمناسبة ……ومكثت فترة في المستشفى وتبين أن لدي كسر إنكباسي في الفقرات 5-6-7 العنقية ….وفي يوم من الأيام أتصل بي المرحوم مهلب حسين صبري وقال لي بشارة حبي بس أتغثك فقلت هات فقال طلعت أسمائنا للتوجه إلى فرنسا وأسمك غير موجود معنا وهنأته ومضى….وأحسست بأني منهار لأن الميراج كانت حلمي حقيقةً..وأصفر وجهي وشعرت بأني سأنهار من القهر فقالت لي والدتي: إبني أنت الله كتب لك عمر جديد والخير فيما أختاره الله فرفعت رأسي عاليا وعيوني مغرورقة بالدمع ونظرت إلى الأعلى مناجيا ربي من القلب….فما لبثت نصف ساعة أو أربعون دقيقة وإذا بزميل آخر من الموصل يتصل بي فيقول : بشارة اخويه أبشارة ..فقلت له أكل (    ) زا بالمصلاوي أدري راح ترحون لفرنسا وأسمي مو وياكم …فأجابني دكل (   ) أنت زا من الذي قال لك انت ما موجود فقلت مهلب فقال لي مهلب في كلية القوة الجوية وأنت أسمك في الكوت قاعدة أبي عبيدة الجوية وإذا لم تصدقني أسأل سعد موسى نعمان رحمه الله وأتصلت به وهنئني بالسلامة فقال لي نعم أسمك موجود والاحتياط عبد الله سيد مجيد وفي اليوم الثاني ذهبنا الى قيادة القوة الجوية فكان ن ض فاضل في إدارة القوة الجوية فقلت له اخي آني مجاز مرضيا فكيف الأجراء فقال لي سيدي هذا أسمك في الكتاب تروح لمستشفى ق ج إذا نجحت بالفحص تروح وإذا فشلت أيروح الأحتياط وتوجهنا بنفس اليوم  وشاهدني د طالب طبيب طب الطيران ورويت له الحادث فقال لي كيفك الآن فقلت حديد فقال أجلب لي فايلك الصحي ومن محاسن الصدف إني فاحص قبل 3 أشهر فقال اوكي نريد منك فقط أشعة للأنف وأشعة للصدر وفحص عيون وخلال أقل من ساعتين جائت النتائج كلها فت فت فت جيدة ..وأكملت الفحص قبل بعض من رفاقي …..وتوجهنا لفرنسا وكانت بداية رحلة التضحية الأخرى والعمل الجاد لخدمة الوطن وللحديث بقية إن شاء الله….
اللواء الطيار الركن بطل القادسية