تحليق في سماء الذاكرة ..اللواء الملاح الركن فيصل حمادي غضبان

24 سبتمبر , 2018

مقال بمناسبة الذكرى 37 للرد العراقي الشامل

——————————-
يوم الاثنين المصادف٢٢ ايلول ١٩٨٠ ينظر له يوما عابر في مفكرة الزمن ولكنه غير عادي بالنسبة للعراق بشكل عام والقوة الجويه بشكل خاص مرت بنا ايام وتواريخ كانت كسابقاتها جزء من سيرة حياتنا الاجتماعية والعمليه بماذا اختلف يوم ٢٢ ايلول كان يوما غريبا باحداثه فكل منا اعتبره يوم الوفاء للمهنة والوطن انه جني محصول جهد كبير امتاز بالتدريب والتطوير ولم يبخل الوطن بشئ لاعدادجيل يتحمل المسؤولية فكان يوم الاختبار فقد شمر فتيان امنوا بوطنهم وامتهم انطلاقا من قناعة كاملة بان يومهم هذا هو كيوم صراط المستقيم تتدافع عليه موجات بشريه كل منهم يسعى بان حسناته تضمن له العبور ففي هذا اليوم عبروا صقور القوة الجوية وكانت حسناتهم لبيك ياعراق عندما نادى الا من ناصرا الا من معين…سبقت هذا اليوم ليلتان كانتا شديدتين ليس خوفا وانما انتظار يوم ( ي ).. وقد بدء تسلسل الاحداث عندما صدرت الاوامر الى جناح طيران القاصفات باسرابه الثلاثة ( السرب العاشر تي يو ١٦ والسرب ١٨ تي يو ٢٢ والسرب ٣٦ تي يو ٢٢ ).تحميل الطائرات بحموله ٦ طن قنابر بمختلف العيارات لكل طائرة وهنا كانت المهمة اختصاص المهندسين والفنين ضباط ومراتب اللذين كان دورهم مميز وقياسي في رفع صلاحيات الطائرات وانجاز عمليات تحميل ناجحة بكل دقه…ليلة٢٠ ايلول هبطت في مطار الحبانيه الداخلي طائرة فالكون المخصصة لنقل الشخصيات المهمة كان على متنها معاون قائد القوة الجويه للعمليات العميد الطيار احمد خيري العاني وكان في حينها قائد القوة الجوية اللواء الطيار الركن محمد جسام الجبوري..بعدها تم استدعاء امري الاسراب للاجتماع في مقر القاعدة التي كان امرها العقيد الطيار مظهر الفرحان ..بعد الايجاز استلم كل منهم مظروف في داخله مهمة كل سرب بعد عودة امر السرب العاشر العقيد الطيار عادل عثمان استدعى بعض الضباط الى غرفة حركات السرب وتم فتح المظروف اتضحت مهمة السرب بقوة ضربة مؤلفة من ٤ طائرات مجموع حمولتها ٢٤ طن قنابر مختلف العيارات ولكن المفاجئة التي حصلت ان الهدف كان خارج خارطة غرفة الحركات مما اضطرنا للتفتيش عن الخرائط الخاصة بالهدف ..رسمت خطوط الرحلة وحددت نقطة الدخول للهدف ( IP ) فكان بعد المسافة ومشقة الطريق تشير الى ان من يتحمله صدق قولا وفعلا وقد صدقوا ..الغريب كان طواقم الطائرات ينقصهم طيار واحد تم استدعائه من السرب ١٨ وهو الرائد الطيار ازهر عبد الكريم وكانت زيادة ملاح واحد وعندما حددت الاسماء حسب قدم الضباط كان ملازم اول ملاح عباس كطران يلقي محاضرة على المراتب مضمونها التضحيه في الدفاع عن الوطن واجب مقدس وبما ان قدمه لم يؤهله ليكون ضمن طواقم الواجب جاء لي قائلا سيدي هل يجوز انا القيت محاضرة بالتضحية عن الوطن وعندما تقلع الطائرات انا باقي على الارض اوصلت ذلك للامر وقال لي لن استطيع ان احرم احد من شرف المشاركة ولكن لو استطاع عباس ان يقنع احدهم للطيران بدله انا موافق فعلا هذا الذي حصل..المفارقة الاخرى كان من المفروض ان تنقل يوم ١٩ ايلول طائرة الى الاتحاد السوفيتي لاغراض التصليح وكان طاقمها ( عقيد طيار عادل عثمان ونقيب طيار فريد جودت ونقيب ملاح مهند عبد الرزاق وملازم اول ملاح عباس كطران ونائب ضابط انور رزوقي ونائب ضابط خالد عبد الرزاق ). ولكن تحول الواجب من الاتحاد السوفيتي الى ايران… في اللحظات تم استبدال نقيب فريد برائد ازهر..كانت ساعة (س )١٢٠٠ ظهرا اختراق الحدود ولم يحدد يوم ( ي )..كحالة انسانيه كان الكل مشدود الى تحديد اليوم وقد جاء اليوم الموعود عندما رن الهاتف الساعة العاشرة صباحا من يوم الاثنين ٢٢/٩ ليعلن اليوم ( ي )..كل منا اختلى بنفسه ليكتب وصيته ويضعها في جيب بدلته التي في خزانته والكثير منا شباب لم نصلي حينها ضاق بنا الوقت لا مجال لذلك ولكننا تدافعنا نحو كتاب الله ليكتب كل منا اية الكرسي ليحملها معه لاننا على ثقة وايمان بانها ستحمينا ونحن في الحظات الاخيرة للاستخضارات واذا بصوت الاخ ملازم اول طيار احمد عيد العيساوي ياشباب تجمعوا لاداء صلاة الخوف وصلاة ركعتين تقربا الى الله…بعد ان صعدنا الطائرات انفصلنا كليا عن عالمنا الخاص وكان همنا الوصول الى الهدف وتنفيذ الواجب وكل ماياتي بعد ذلك فهو مقبول ساد الصمت وعلا ازيز الطائرات عندما غادرت الارض نحو اهدافها وكلنا قناعة ان هذا الصوت سيبقى يردده صدى الزمان لاجيال وعصور..تخطى التشكيل مدينة سومار ومع رداءة الجو وقلة مدى الرئويا اصتدمت طائرة قائد التشكيل بالجبل وكان طاقمها اول شهداء القوة الجوية في ذلك اليوم وهم ( العقيد الطيار عادل عثمان – الرائد الطيار ازهر عبد الكريم- النقيب الملاح مهند عبد الرزاق والذي استشهد بعده بسنة شقيقه الرائد الطيار معن عبد الرزاق- الملازم الاول الملاح عباس كطران – نائب ضابط انور رزوقي- نائب ضابط خالد عبد الرزاق ) وكانوا جميعهم المفروض ان يكونوا في الاتحاد السوفيتي يوم ١٩ ايلول باستثناء النقيب الطيار فريد عدنان كتبت له السلامة( لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا ) مع رهبة المنظر عند انفجار الطائرة وفيها اعزاء قبل دقائق كنا معهم ولكنهم رحلوا زادنا ذلك اصرارا على المضي نحو الهدف لن نفكر بما نؤل اليه في اية لحظة ولكن قناعتنا هذه هي الحرب وهذه مهنة الطيران والتي تكتب بالدم مضى الوقت مسرعا يتسابق مع سرعة الطائرات وكان همنا بلوغ الهدف خوفا من المجهول وتحقق ذلك وكسر ازيز الطائرات القادمة من الغرب سكون الجو فوق الهدف ولن تكن تلك الطائرات ضيفا وانما دمارا شئنا ام ابينا…نفذت المهمة وعدنا بثلاث بعد ان اقلعنا باربع كان هذا اليوم بداية لرحلة شاقة وطويله دامت ثمان سنوات ولم نتوقع ان تكون هكذا فقدنا اعزاء من رفاق السلاح تركوا خلفهم عوائل وابناء دون معيل ولكن الحق يقال تكفلتهم الدولة وكانت الراعي الامين لهم…واخيرا ماتت الحقيقه واضاعت السياسة وطن باكمله كانت ارواح الشهداء سدا منيعا له..لقد علمنا التاريخ ان لامنتصر في الحزب وكل اطرافها خاسرة ….المجد والخلود لطاقم قائد التشكيل و شهداء العراق والقوة الجوية اتمنى ان يستوعب الدرس كل من ذاق مرارة الحروب .

قاعدة خاتمي في اصفهان

  1. ابو رشيد - أكتوبر 17th, 2018 at 10:10 م

    بارك الله سيدي ورحم الله الابطال لقد اديتم الواجب بشرف و بطولة

  2. airforce - ديسمبر 10th, 2018 at 7:47 ص

    الف شكر وهذا من حسن ظنك ومع ذلك فهذا واجب نفتخر به لذكر الادوار البطولية لصقورنا البواسل وهم يدافعون عن العراق

  3. airforce - ديسمبر 12th, 2018 at 6:31 م

    تحية وتقدير لكم عزيزي ابو رشيد هذا هو الطيار العراق ينجز مهمة او يستشهد مع التقدير