يوم السمتيات- الجزء الثاني

8 أبريل , 2022
 

  بقلم  الصقر   

الاعداد والتنفيذ

بعد الاجتماع مع السيد رئيس الجمهورية تم تنسيب العميد الطيار دروع  الركن سمير احمد ايوب ( استشهد في 25 / 6 / 1981 خلال طلعة على طائرة PC7  في مطار التاجي ) مديرا لطيران الجيش والعميد الطيارقوات خاصة محمد عبد الله الشهواني مديرا لشعبة الحركات في المديرية لقربهم وعلاقتهم الجيدة مع الشهيد عدنان خير الله طلفاح وزير الدفاع لتسهيل ادارة طيران الجيش الفتي وسرعة ايصال وتذليل المشاكل والعقبات .

 

تم وضع خطة مشتركة من قبل هيئات الركن للعمليات البرية وطيران الجيش لاستثمار الجهد السمتي المسلح  وبشكل مركزي ضد اهداف معادية تم انتخابها بعمق مناسب لعمل السمتيات وحسب اهميتها وعلى امتداد الجبهة من سربيل زهاب والى عبادان ، تم تهيئة الطائرات وتنويع حمولاتها وحسب الاهداف المطلوب تدميرها  وقواطع عملها الذي يشمل قاطعي الفيلقين الثاني والثالث وكما يلي :

1.تقسيم منطقة العمليات الى خمسة قواطع لاجل تغطية الجبهة باكملها بالفعالية والقواطع هي :

 

 .القاطع رقم /1 سربيل زهاب – سومار.

 .  القاطع رقم /2 سيف سعد – مهران

 . القاطع رقم /3 ديزفول.

 . القاطع رقم /4 الخفاجية -الاحواز .

. القاطع رقم /5 المحمرة – عبادان

 

2-  تم اختيار يوم 27 تشرين اول( اكتوبر) 1980 لتنفيذ العملية وانيط بمقر مديرية طيران الجيش تعيين توقيتات الضربة  واتخاذ الاجراءات التالية:

اولا . تعيين المستشارين وهيئات الركن الجوية في قواطع العمليات للاشراف والمتابعة  والتنسيق وتقديم المعلومات وايجاز الطوائف الجوية المنفذة .

ثانيا . تهيئة مهابط وشقق النزول في (المنصورية , خانقين , بدرة , مندلي , الميمونة ) ومطاري البصرة والشعيبة لاستقبال الطائرات وادامتها وتسليحها والامور الفنية الاخرى .

ثالثاً . القرار على تخصيص الجهد السمتي كل حسب قاطعه بالتنسيق مع المقرات البرية المعنية.

رابعا. تم اتخاذ تدابير الحماية للعمليات والتنسيق مع القوة الجوية لتأمين المظلات الجوية اللازمة وعلى القاطعين لمنع تدخل القوة الجوية المعادية. وتهيئة طائرات الانقاذ ( مي8 ) ترافق الطائرات المنفذة للحالات الاضطرارية.

خامسا .  تم تعيين الساعة 1200 من يوم 27 تشرين اول 1980 لتكون ساعة  التنفيذ و فتح النار على الاهداف المعادية وعلى طول الجبهة وبتوقيت واحد  , تراعى توقيتات الاقلاع للتشكيلات وحسب المسافة بين نقطة الاقلاع والهدف بغية تنسيق الوصول الى الاهداف في توقيت واحد.

سادساً . تم تأمين المواصلات السلكية واللاسلكية وفتح المجسات الجوية لتأمين الاتصال مع القطعات الارضية في قواطع العمليا

 

ساخص بالذكر فعاليات السرب 30 الويت 3 الذي كنت انتمي اليه في هذا اليوم

 

بعد ان تمتعت باول اجازة منذ بداية الاحداث ولمدة 4 ايام التحقت بالسرب يوم 24/10/1980 في كركوك ، كلفت يوم 26 منه بواجب من طائرتين واحدة مسلحة بصواريخ (AS12 ) المضادة للدروع والمنعات بقيادة قائد التشكيل الرائد الطيار الشهيد وليد عبد المجيد ((استشهد في تشرين ثاني( نوفمبر) 1983 في قاطع بنجوين ))  وطائرتي المسلحة بمدفع رشاش 20 ملم لتعزيز مفرزة السرب المكونة من طائرتين مسلحتبن  بالصواريخ متواجدة في المنصورية مع بقية مفارز الاسراب هناك. و 4 طائرات بتشكيلين الى قاعدة الوحدة الجوية (الشعيبة)  مسلحة بالصواريخ  بقيادة الرائد الطيار ( ص .ح . ع ) امر السرب المنقول الى كلية الاركان ونسب لقيادة السرب 30  مرة اخرى قبل يوم 22/ 9 /1980 بعد تاجيل دورة الاركان حينها ،والمرحوم الرائد  الطيار رغيد محمود والرائد الطيار  ( ا . ع .ا ) وهما مسحوبين من دورة الاركان ذاتها والمرحوم الرائد الطيار منير جاسم والشهيدين النقيب الطيار علي خضير فرحان والنقيب الطيار محمود راضي جعفر .

 وبعد الموافقات الاصولية اقلع تشكيلنا الى مقر الفيلق الثاني في المنصورية. والطائرات الاربع في طريقها الى قاعدة الوحدة  الجوية في الشعيبة  .وفي خلال الرحلة وبعد تجاوزنا سلسلة حمرين حصلت غارة جوية معادية وابلغنا قاطع الدفاع الجوي بالهبوط  فورا تفاديا للطائرات المعادية , تكون اسلحة ضد الجو حرة  في حالة وجود خرق معادي ، هبطنا على الارض وواصلنا الرحلة بعد انتهاء الغارة واثناء الطيران كان امامنا ابراج لنقل الطاقة الكهربائية (الضغط العالي ) وكان طيراننا واطيء وطريقة اجتياز خطوط الضغط العالي تكون باجتيازها من فوق البرج لوجود سلك ( ايرث ) لا يرى ويكون غير منحني يربط بين الابراج ولكني وبخطأ كبير  حاولت الاجتياز بين البرجين لاتفاجأ وبمسافة قريبة جدا باني امام هذا السلك وبمناورة حادة وبتجاوز جميع المحدوديات ارتفعت ونجوت من الاصطدام بالسلك باعجوبة كون اصطدامي به يؤدي الى سقوط الطائرة ، وكان هذا خطأ رغم اني انبه التلاميذ على الاسلوب الصحيح في  اجتياز خطوط الضغط العالي ،  وصلنا الى المنصورية والتحقنا بمفارز السمتيات المتواجدة اصلا والتعزيزات التي وصلت الى مقر الفيلق الثاني ، استقبلنا في مهبط الطائرات  المرحوم العقيد الطيار  (كاكة )فريدون عارف مرحبا بنا وبطريقته المميزة بالمحبة والابوة والخلق العالي ممثلا لطيران الجيش المكلف بالتنسيق للضربة الجوية ، وبعد تكامل الطائرات اجتمع بنا وابلغنا بان واجبنا هو القيام بضربة جوية بجميع الطائرات المتواجدة ظهر يوم غد وستكون الضربة متزامنة مع ضربات  في جميع القواطع وبنفس التوقيت ومفاجأة العدو بهذه الضربة الكبيرة والعملية بأمر القيادة العامة للقوات المسلحة. وستوزع الواجبات على التشكيلات يوم غد قبل التنفيذ. وكان لتواجد المقدم الطيار البطل الشهيد قاسم عاتي عذار آمر السرب 61 مي25 معنا  عاملا كبيرا في رفع المعنويات لجميع الطيارين فقد كان قدوة لنا ومن خلال تنفيذه للواجبات وضع اللبنة الاولى (لتعبئة السمتيات ) , بشكل عملي لعدم وجود تعبئة لعمل السمتيات قبل الحرب.

 

قبل ظهر يوم 27 /10/1980 تم توزيع الواجبات على التشكيلات لتشمل الجبهة من سربيل زهاب الى سومار وبتشكيلات من طائرات مي 25 وغزال والويت 3 و طائرتي مي8 مسلحة بالصواريخ الحرة مخصصة للانقاذ وكانت طائرتي مسلحة بمدفع رشاش 20 ملم وبذلك كنت في حالة الحماية والمراقبة, ومعالجة مشاة العدو في حالة وجود متسللين يمكن ان يكونوا مؤثرين على طائراتنا ،  وكلفت تشكيلات اخرى بضمنها طائرتي الويت 3 في الاغارة على مناطق اخرى ( بدرة وجصان ) , وبعد حساب التوقيتات للوصول الى الاهداف في نفس الوقت المحدد وبالتزامن مع بقية القواطع لتنسيق الضربات بتوقيت واحد تم اقلاع التشكيلات وبالتسلسل وحسب المسافة الابعد ثم الاقرب ، اقلعت وبتشكيلين من طائرتي مي25 وطائرتين الويت3  احداها بقيادتي والاخرىبقيادة الرائد الطيار ( م . ا ) والنقيب الطيار ( س . ف . ج ) باتجاه قطعات العدو في منطقة كيلان غرب ، وبصمت لاسلكي  تم التوجه والوصول الى الاهداف المحددة وفتحت النيران من جميع الطائرات اولا الصواريخ الحرة ثم معالجة الاهداف المدرعة والالية بواسطة الصواريخ الموجهة ، وفي ذات التوقيت فتحت نيران السمتيات على امتداد الجبهة وبضربة واحدة من سربيل زهاب الى عبادان وكانت مفاجأة كبيرة اذهلت العدو وكبدته خسائر فادحة جعلته يفقد توازنه بانتظار ما بعد هذه الضربة ، خلال التعرض للعدو اصيب النقيب الطيار (س ف ج ) من السرب 30  الويت 3 باطلاقة نارية  في منطقة البطن رغم ارتدائه للدرع الواقي  ( وهذا يوضح مدى تقربنا من العدو ) وقاد الطائرة الطيار الثاني الى منطقة آمنه حيث هبط بالطائرة لينقله الى طائرة  الانقاذ مي8 لتوفر معدات الاسعاف والعناية خلال نقله الى المستشفى وقام  قائد طائرة ال مي8 الطيار الشهم الرائد الطيار (ح ميك ) بنقله مباشرة الى مستشفى الرشيد العسكري ونادى قاطع الدفاع الجوي  بانه يحمل شخصية مهمة جدا جريح واخبار المستشفى باتخاذ الاجراءات في منطقة  نزول الطائرات في المستشفى وعند اقترابه من بغداد أمن الاتصال مع المستشفى وطلب منهم الاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لاسعاف الجريح وان حالته خطرة جدا ونزف الكثير من الدم خلال  نقله الى المستشفى ، وفعلا تمت الاجراءات اللازمة وتم انقاذ الطيار ،  ويواصل القتال  بعد شفاءه ( تفقد رئيس الجمهورية الجرحى الراقدين في مستشفى الرشيد العسكري خلال رقوده هناك وظهر في الفديو الذي عرض في التلفزين حينها ) وشاركني في واجب ( معركة البسيتين في 1 كانون اول 1981 يوم الشهيد ) ) ، وهكذا كانت شهامة وتفاني طيار المي8 سببا في انقاذ رفيق سلاحه وهو نفس الطيار الذي تحدى  الاحوال الجوية السيئة واوصل مواد مهمة  من مطار البصرة الى ام قصر كما جاء  ذكره في معركة الفاو شباط 1986  ، وعادت التشكيلات الى المنصورية ليستقبلنا كاكة فريدون بالاحضان مهنئا بالسلامة وفي ذات اليوم عادت الطائرات الى قواعدها وبقيت المفارز الاصلية في المنصورية ووصلنا كركوك مع الضياء الاخير .

 

اما طائرات سربنا  في قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية  فقد كلفت مع بقية الطائرات بواجب مهاجمة اهداف العدو في عبادان بتشكيلين من 4 طائرات وخلال الطيران  الواطيء لتفادي رادارات العدو للوصول الى شط العرب صادفتهم خطوط الضغط العالي فقام قائد التشكيل الاول الرائد الطيار ( ص . ح  )  بالمرور من تحت اسلاك الضغط العالي وعند تقرب الطائرة الثانية تردد بين المرور من تحت الاسلاك او من فوقها وفي اخر لحظة قرر المرور من فوق الاسلاك  ولم تسعفه المسافة المتبقية للتسلق مما ادى الى اصطدامه بالسلك الرفيع الذي يربط بين الاعمدة ولا يرى الا من مسافة قريبة ( الايرث )  مما ادى الى سقوط الطائرة وتحطمها ونجاة طاقمها  باعجوبة وتم اخلائهم بطائرة مي8 المرافقة للتشكيلات ، واستمرت بقية الطائرات بطريق الرحلة ( الواجب والتوقيتات لا تسمح بالتاخير وملاحظة الحادث )  للوصول الى اهدافها في عبادان و التعرض للعدو وبذات الاسلوب والتوقيت مع  بقية القواطع وبشكل دقيق وعادت بقية الطائرات الى قاعدة الوحدة  بعد تنفيذها للواجب وتكبيد العدو خسائر فادحة ، وفي اليوم التالي عادت التعزيزات الى قواعدها.              

 

صدر البيان رقم 107 الخاص بهذه العملية مساء يوم 27 تشرين اول 1980 اجمل خسائر العدو نتيجة هذه الغارات بما يلي:

تدمير 27 دبابة

تدمير 7 ناقلات اشخاص مدرعة

تدمير 6 مدافع مختلفة العيار

تدمير محطة رادار

تدمير 4 خزانات نفط

تدمير مقر قيادة واحد

 

وبعد ذلك اليوم تم الاهتمام بهذا الصنف الفتي ودعمه من قبل القيادة وتعزيزه بانواع جديدة من الطائرات مختلفة المهام من عدة مناشيء شرقية وغربية واستمرار رفد الاسراب بالطيارين والاهتمام بتدريب الطيارين الاقدمين من خلال دخولهم للدورات المختلفة داخل وخارج القطر لحين وصول الصنف الى مستوى متقدم  بالطيران وتنفيذ المهمات القتالية ليلا ونهارا،وقد استخدم هذا السلاح بشكل مكثف في اول حرب يستخدم بها سلاح السمتيات في اسناد القطعات الارضية  وبادوار مختلفة, وبرز دوره وشجاعة وكفاءة الاداء في عمليات بطولية مثل الانزال الرأسي على العدو مباشرة في ملحمتي جبلي كردمند وميمك والانزالات خلف خطوط العدو والاسناد المباشر واستخدام النواظير الليلية والطائرات المسيرة (الدرونز ) ومنظومات توجيه المدفعية  وغيرها مما سيرد ذكرهافي مقالات لاحقة ان شاء الله تعالى…وهذه بداية تشكيل صنف فتي تطور تطورا كبيرا خلال المعارك  ووصل الى درجة جيدة من الخبر