بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران 1980 – 1988 الحلقة السابعة

17 نوفمبر , 2016

 

د علوان العبوسي

 

التصدي الاستراتيجي العميق  

 من اعمال التصدي المميزة التي  خططت لها ونفذتها  قيادة القوة الجوية والدفاع الجوي العراقية لضمان استمرار سيطرتها  الجوية  في العمق الايراني ومنعها  التدخل بالعمليات الجوية  ، اوجز احد هذه الاعمال ( في بداية عام 1988 وبغرض تحقيق اكبر  قدر من التاثير على منظومة النفط الايرانية ، تم تكثيف مهام  القوة الجوية العراقية على موانىءالتصدير الجنوبية وناقلات النفط المحملة بالنفط الخام ذهاباً والسفن المحملة بالمشتقات النفطية الحيوية والاسلحة والبضائع لادامة عملياته الحربيه إياباً ،  وكرد فعل من القوة الجوية الايرانية لهذه الضربات الفعالة المكثفة فقد ركز على استخدام قاعدة بوشهر القريبة من جزيرة خرج منطلقاً لطائرات تفوقه الجوي ف /14 لحماية سفنه والسفن التي تعمل لصالحه من ناقلات نفط وغيرها  في الخليج العربي لادامة  دورياته القتالية بشكل مستمر مما عرقل خطط القوة الجوية العراقية وقام بالتصدي للعديد من طائراتها المهاجمة وكاد يسقط احداها بهذه الطائرة عليه جرى  التخطيط لمنع تواجدها فوق المناطق الساخنة بعمق الخليج العربي من خلال انتخاب طائرتين ميراج/ ف1 لاغراض التصدي وطائرتين اخرى من نفس النوع  للمخادعة لجذب أنتباه طائرات ف/14 على اعتبار انها ( اي طائرات المخادعة ) مكلفه بمهمة مهاجمة بعض السفن المتواجده في المنطقة . موجز الخطة   (اجبار  طائرات ف/14 على مهاجمة  طائرات المخادعة في ذات الوقت  تباشر طائرات التصدي وهي عادة بارتفاع منخفض  غير مكشوفه من قبل الدفاع الجوي الايراني التسلق المفاجىء وتباغت طائرة ف/14 وتسقطها) ، في  24 /4/ 1988 وحسب الخطه المشار اليها آنفا ًاقلع تشكيل من أربع طائرات ميراج/ ف1 باتجاه احدى السفن الايرانية المتواجدة قرب قاعدة بوشهر الجوية وقد كشفت الطائرات الايرانية تشكيل المخادعة وتوجه باتجاهها عندها بدء التشكيل المكلف بالحماية والتصدي ( المباغت )بالتسلق خلف طائرة ف/14 وهاجمها بشكل مباغت لم يتوقعه هذا التشكيل  واصاب احدى طائرات ف/14 ثم انفجرت  بالجو  وهربت الطائرة الثانيه عندها استنجد الايرانيون بنداءات استغاثه موجهه للسفن الامريكية المتواجده بالمنطقه لانقاذ طيار ف/14 …( هذا احد الامثلة في اسقاط الطائرات الايرانية في هذه المناطق  محققاً سيطره جوية أستراتيجية او تامة للقوة الجوية العراقية وفي أعماق بعيده جداً  وقبول التحدي الذي كانت تفرضه على القوة الجوية الايرانية ) . المخطط التالي  يوضح اسلوب اسقاط احدى طائرات ف/14 (1).

f1-vs-f-14-over-busheher-hd-5

تصميم  اسقاط احدى طائرات ف/14 بواسطة طائرات الميراج/ ف1

( المصمم السيد مهند عبد الجبار الشيخلي )

 اما من الناحيه الفنية التكتيكية فقد  أبدع طيارو المتصديات العراقيين واصبحوا فرسان الجو بحق اعترف الدفاع الجوي الايراني بسيطرتهم  الجوية التامة  على الاجواء  الايرانية   وهذا واضح في تحجيم ما تبقى من السلاح الجوي الايراني في اشراكه  الفعلي  للعمليات التعرضية  بعد السنه الخامسة للحرب تقريباً واصبحت الاجواء شبه مفتوحه للسلاح الجوي العراقي تجاه اي هدف يختاره ، كما  أصبح سلاح المتصديات متكاملا تقريباً بعد استلام العراق طائرات الميج/ 29 عام 1986 حيث أعطى مرونه إضافية  لمنظومة الدفاع الجوي العراقية سواء بمرافقة طائرات  الضربة الجوية او قبول التحدي وفق ارادته في الوقت والمكان الذي يختاره ، ففي سنة 1986 اصبح الدفاع الجوي العراقي يضم أثنى عشر سرباً متصدياً بعد ان كان يحتوي على  سبعة اسراب في بداية الحرب مع ايران  على العكس من ذلك بالنسبه الى ايران فقد  تكبدت  قوتها الجوية خسائر فادحة بالطائرات بلغت حوالي ثلثي هذه القوة  قبل الحرب ناهيك عن الاعطال وشحة المواد الاحتياطية للطائرات  بعد السيطرة على طائرات الجسر الجوي القادمة من إسرائيل والسيطرة البحرية عبر الخليج العربي ، اما الاساليب التي اعتمدها الدفاع الجوي العراقي  في السيطره على الاجواء الايرانية  فهي  اسلوب المخادعة والكمائن  واسلوب  المواجهة من الامام من مسافات بعيده بطائرات الميج/25   والميراج ف/1 ( 20 – 50 ) كلم حيث تفاجىء الطائرات الايرانية بالتقرب السريع لهذه الطائرات دون ان يكون لها رد فعل مؤثر حيالها وقد تم إسقاط العديد من الطائرات الايرانية بهذه الطريقة اما الاسلوب الاخير فهو اسلوب  التخطيط المدبر كما في اسقاط طائرات ف/14 آنفاً واسقاط طائرات الجسر الجوي الايراني / الاسرائيلي ، رغم كل الايجابيات ظهرالعديد من الاخفاقات للدفاع الجوي العراقي ككل منها في بداية الحرب والتي اشرت اليها آنفاً حيث أسقطت العديد من طائرات القوة الجوية العراقية بوسائل دفاعها الجوية نتيجة الاخفاقات بمبدأ القيادة والسيطرة ، ثم موضوع وسائل التشويش الايجابي التي استخدمتها ايران على منظومات الدفاع الجوي العراقي ففي يوم 26 /9/1980 تمكنت ايران من استنزاف اللواء 195 صواريخ ارض – جو المتواجد  في قاعدة الحرية الجوية بعد بثها اهداف كاذبه ادت الى اطلاق اللواء عدد كبير من صواريخ البيجورا ( سام/ 3 ) تجاهها ولم يتبين اسقاط اي طائره معادية ، والضربة الجوية الايرانية  على مفاعل تموز النووي في الساعة 01000 من يوم  30 ايلول(سبتمبر) 1980 القادمة من جهة الشرق  تزامناً   مع إختراق طائرتين إسرائيليتين   من جهة الشمال الغربي  مستغلة  حوض نهر دجلة   حيث قامت الطائرات الاسرائيلية  بتصوير هذا المفاعل  والمسالك المؤدية  اليه   بتغطية من الطائرات الايرانية   وبالتنسيق بين الجانبين  ولم تحدث  الطائرات الايرانية  اي اضرار في المفاعل  وفي ضوء نتائج  التصوير  قامت إسرائيل باعداد خطة قصف وتدمير مفاعل تموز  في الساعه 1834  يوم 7 حزيران(يونيو)1981 دون اي  رد فعل مؤثر من الدفاع الجوي العراقي  ، ثم المخادعة التي استخدمتها  ايران  باستخدام الممرات الجوية المدنية التركية  بتسلل  تشكيل من طائرات ف/4 بعد اجراء عملية إرضاع جوي  والعبور بهذه الطائرات الى الاجواء السورية للتمويه انها طائرة مدنية تركية  تسلك ممر جوي دولي وبعد حين يظهر تشكيل طائرات ف/ 4 من ستة  طائرات  في سماء قاعدة الوليد الجوية (  غرب العراق ) ليستهدف القاعدة   بكامل حريته  ولم يكتشفها الدفاع الجوي القطري منذ خرقها للحدود وحتى مغادرتها   ، من الطبيعي استفادة قيادة القوة الجوية العراقية  من هذه الاخطاء وعززت المنظومة بوسائل رصد وكشف كفوءه ( اشخاص ، معدات ، اجهزه لاسلكية ، رادارات للانذار المبكر ..الخ ) وبدء الدفاع الجوي القطري  ينمو بخطا حثيثة أثناء الحرب مع ايران انعكس ذلك على الدفاع الجوي الميداني لينمو هو الاخر الى الافضل  (2) .

(1).العميد الطيار الركن خ خ ب

(2). العميد دفاع جوي الركن ش م