ضرب معسكر شيخ بدير على الطريق (الاحواز- عبادان)

29 أكتوبر , 2016

بسم الله الرحمن الرحيم
(فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ)
صدق الله العظيم / الزخرف 8
ضرب معسكر شيخ بدير على الطريق (الاحواز- عبادان)
———————————————————-
وسقوط طائرة (الملازم الأول الطيار امير محمد محمود السامرائي)
—————————————————————–

1.تمر اليوم الذكرى (36) عام على ضرب معسكر ( شيخ بدير) الايراني وسقوط طائرة (الملازم الأول الطيار امير محمد محمود السامرائي) الذي نفذ واجب على المعسكر نفسه   تبشكيل مؤلف من طائرتين سوخوي – 22 .

2. ففي يوم السبت (25 تشرين الأول 1980 ) تم تكليفي بواجب ضرب معسكر ( شيخ بدير) على الطريق الذي يربط بين مدينتي ( الاحواز – عبادان ) بقيادتي (النقيب الطيار قيس ربيع العبيدي ورقم (2) الملازم الاول الطيار محمد سلمان محمد , كانت طائرة قائد التشكيل محمله بحمولة (64 صاروخ C5K  و 160 طلقة مدفع رشاش, وطائرة رقم (2) محملة بحمولة (20 ) قنبرة عنقودية زنة (100-120) كغم .

3. تم الاقلاع بسلام والدوران إلى جهة اليمين إلى منطقة (الدير) (358)°والوقت (ثلاث) دقائق والسرعة (900) كم / ساعة والمسافة (45) كم , وبعد الوصول إلى النقطة الاولى (الدير) تم الدوران إلى جهة اليمين باتجاه الهدف معسكر( شيخ بدير ) (090)° والوقت ( ست) دقائق والمسافة (90) كم وبارتفاع منخفض (10-15) متر, الارض في هذه المنطقة منبسطة ولا توجد عوارض ارضية الا انه توجد اعمدة الضغط العالي بكثافة تم تجاوزها والعبور من فوقها والاستمرار بالطيران المنخفض وبعد عبور نهر (الكارون) وانتهاء الوقت المخصص شاهدت المعسكر إلى جهة اليسار وشاهدت (عجلتين كبيرتين لنقل المواد الغذائية المجمدة (برادات) فسددت عليها وأطلقت عدد قليل من الصواريخ فأصابت العجلتين ثم تقدمت للإمام بحدود (15) كم والدوران إلى جهة اليسار وتغيير الاتجاه (270)°والوصول فوق الشارع العام الذي يربط مدينتي ( الاحواز – عبادان) شاهدت المعسكر امامي والقطعات منتشرة على جانبي الشارع فتم تطويقها بمسددة طائرتي وإطلاق جميع الصواريخ المتبقية فأصابت الصواريخ اهدافها وبعد انتهاءها حولت عتلة الأسلحة من وضعية (صواريخ )إلى وضعية (عتاد ) لمعالجة الاهداف بالعتاد وفتح (الحارق الخلفي ) لزيادة السرعة وخلال مروري من فوق القطعات البرية تم اطلاق اسلحة الدفاع الجوي المعادي باتجاه طائرتي وأصيبت بأسلحة (م / ط ) اصابات مباشره واضاء ضوء (التحذير الرئيسي الأحمر) وضوء ( مضخات الوقود) تم اخذ الاجراءات السريعة بإطفاء (الحارق الخلفي ) وتقليل عدد دورات المحرك إلى (80%) (R. P. M) وهي اقل دورات محرك يمكن الطيران عليها وخاصة الطيران  بالأراضي المعادية اضافة إلى ذلك عدم صرف كميات كبيرة من الوقود بهذه الدورات القليلة جدا, كانت مسافتي من هذه النقطة الى شط العرب وحدودنا الدولية بحدود (18) كم, وكنت اتوقع بين لحظة وأخرى ينطفئ محرك طائرتي بسبب اصابة مضخات الوقود الرئيسية الا ان الطائرة استمرت بطيرانها وعبرت ترعة ( بهمشير ) ولم يبقى الا عبور شط العرب وعبرته من المنطقة الجنوبية لمدينة (عبادان ) انها لحظات مريبة ومخيفه جدا ان تنطفئ طائرتي وأغادرها واقذف منها وأنزل في الاراضي المعادية واصبح اسيرا بل الموت افضل من ان أكون اسيرا لدى الإيرانيين, الا انه وبحفظ الله عبرت شط العرب وأصبحت في اراضينا وبدأت التسلق قليلا وشديت الاحزمة بقوة حتى وصولي لارتفاع (1500) متر, تم تحويل قناة (القاطع) الى قناة (القاعدة) , اتصلت بالسيطرة الجوية وأخبرتهم بان طائرتي مصابة وسوف اتقرب من بعيد وانزل مباشرة وقد تم ذلك فعلا ونزلت ومن بعدي نزل رقم (2) بسلام والحمد لله.

 

 

 

 

 

4. عند وصولي إلى ملجأ طائرتي وإطفاء محركها وفتح غطاء المقصورة شاهدت ضربتين في مقصورة الطيار الاولى في (الزجاجة الجانبية ) من الجهة اليسرى وهي مدرعة ضد الرصاص وقد اصيبت بإطلاقة ( م/ط) وكانت الزجاجة مهشمه الا ان الإطلاقة اتجهت إلى الاعلى وأما الضربة الثانية فكانت في مكان (قفل غطاء المقصورة في الحديد المقوس وهي على بعد بعض سنتمترات للدخول إلى مقصورة الطيار ولو دخلت لقتلتني فورا ولولا حفظا من الله , وعند نزولي من الطائرة كانت هناك اصابات اخرى في ( مضخات الوقود – جهاز الاشتغال الابتدائي للمحرك (TURBO –STARTER) عطلت الطائرة لعدم صلاحيتها للطيران وسحبت إلى الجناح الفني لغرض تصليحها.

5. بعد وصولي إلى غرفة حركات القاعدة لغرض كتابة تقرير المهمة , كان امر القاعدة موجودا فيها بلغني بان قائد الفيلق الثالث اتصل به شخصيا وقال له (اشكر لي الطيارين الذين نفذوا هذا الواجب) حيث كانت نتيجة المهمة ضرب المعسكر ضربة موجعة ومؤثرة, كانت طائرتي السوخوي-22المرقمة (2073) والوقت الكلي (خمس وعشرون ) دقيقة, بيان رقم (102) صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المادة( ب) الفقرة(3).

6. وفي اليوم نفسه ( 25 تشرين الأول 1980) تكرر الواجب نفسه , بتشكيل طائرتين سوخوي – 22 بقيادة الملازم الاول الطيار محمد سلمان محمد والملازم الاول الطيار امير محمد محمود السامرائي ) كان قائد التشكيل قد نفذ هذا الواجب معي صباحا كرقم (2) , كان الجو على العموم رديئا ومدى الرؤيا لا تتجاوز (1) كم , كانت الساعة ( 1640) الرابعة واربعون دقيقة عصرا , كان رقم (2) مستلقيا في غرفته وتم الاتصال به وجاء مسرعا إلى (غرفة حركات القاعدة) لغرض تنفيذ الواجب , بعد ان تم شرح تفاصيل الواجب من قبل قائد التشكيل , اقلع التشكيل بسلام , كنت جالس في مقر السرب/109استمع إلى اتصالات ونداءات التشكيل لوجود جهاز اتصال( (R – 809 في مقر السرب/109 وكنت اعرف جيدا التوقيتات وخط الرحلة لأنه قد نفذت هذا الواجب صباحا, بعد وصول التشكيل قرب منطقة الهدف معسكر( شيخ بدير) سمعت قائد التشكيل ينادي على رقم (2) بالتسلق لوجود اعمدة وأسلاك الضغط العالي الا ان رقم (2) كان متأخرا في سحب طائرته للأعلى وبقي بارتفاع منخفض جدا ولم يشاهد اعمدة وأسلاك الضغط العالي بسبب رداءة الجو وقد اصطدمت طائرته بأسلاك الضغط العالي وشبت النيران بطائرته , ونادى قائد التشكيل إلى رقم (2) امير تكدر توصل لا راضينا) فقال رقم (2) لا ما اكدر انطفت الطيارة ) فقال قائد التشكيل إلى رقم (2) (امير اقذف اقذف) فقذف ) ونفذ امر قائد التشكيل و قذف بالقرب من معسكر(شيخ بدير )وخلال هذه اللحظات ذهبت مسرعا إلى (غرفة حركات القاعدة) وقلت لأمر القاعدة ( سيدي تسمح لي بان اطير وأنقذ امير وأعالجهم بالا سلحه وترسل طائره هيلوكوبتر لإنقاذه لأنني اعرف المنطقة جيدا, وقال لي امر القاعدة (اكعد فهذا انفعال عاطفي وهذا اقرب إلى الجنون واذا وقعت انت وتأسرت فماذا أقول) فجلست وانتظرت لحين عودة قائد التشكيل , وصل قائد التشكيل غرفة الحركات باكيا حزينا متأثرا لفقدان زميله وابن دورته العزيز والذي ينام معه في نفس الغرفة , وقال عند اصطدام طائرة رقم (2) بأسلاك الضغط العالي شبت النيران فيها وإمرته بالقذف فقذف ونزل بالمظلة وشاهدته ينزل بالمظلة في الاراضي المعادية وتوجهت اليه احدى العجلات (بيك اب ) وأخذته الا انه لا نعرف مصيره الى حد الآن .

7. كان (أمير أسم على مسمى) من الضباط الطيارين الشجعان الملتزمين يمثل الجندية الحقيقية مؤدبا كفؤ خلوقا ذكي خجولا هادئا كريما مؤمنا ايمانا مطلقا بالله , طيرانه جيد نفذ عدد من الواجبات القتالية في العمق الايراني ان فقدانه خسارة للقوة الجوية وللسرب/109 لما يحمله من نبل وشهامة وأخلاق قل نظيرها ومهما احاول ان اصف هذا البطل من الصفات فهي قليله بحقه رحمه الله ويرحمنا جميعا, من سكنه محافظة بغداد الاعظمية , متزوج وله بنت واحده اسمها (نور) وعمرها ( ست) اشهر.

هؤلاء هم الابطال المضحين من اجل العراق وشعبه فهم كوكبة ونجوم لامعة في سماء العراق رحم الله من مات او استشهد منهم والحفظ من الله لمن بقى منهم وامدهم بالصحة والعافية والعمر المديد .
ملاحظة
——–
كان من الأفضل لم ينفذ في مثل هذه الأجواء الرديئة والوقت , الا ان الامر امرا .
عبد الرحمن العبيدي
الاثنين 25 تشرين الأول 2016