بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران 1980 – 1988 الحلقة الثامنة

21 نوفمبر , 2016

الاسناد الجوي القريب

الاسناد الجوي القريب هو احد المهام الرئيسة ( الغير مباشرة ) التي تكلف بها القوة الجوية تجاه بعض الاهداف المعادية القريبة من القوات الصديقة لتعزيز كثافتها  النيرانية اثناء العمليات ويقسم عادة الى اسناد جوي قريب مدبر او فوري ، ويخصص  جزء من الجهد الجوي اليومي لهذا النوع من المهام الذي تتكفل به الطائرات  المقاتلة القاذفة  او متعددة المهام ، تمتلك القوة الجوية العراقية خبرة جيده لهذا النوع من المهام لمساهماتها العديدة في الحركات القومية والوطنية  ، ولكن  أختلفت سياقات عمل الاسناد الجوي القريب التي اعتادة عليها هذه القوة  في السابق سواء في حرب تشرين 1973 اوحرب قمع العصيان في شمال العراق  عنها مع ايران وذلك لاتساع جبهات القتال وأختلاف طبيعة الاهداف  ومتطلبات الموقف العسكري  العام وسرعة تطور القتال  وازدياد الحاجه الى هذا النوع من المهام بالاضافه الى  ضعف الثقافة الجوية لدى القوات البرية لانعدام التعاون معها سواء على مستوى القيادة الجوية اوتشكيلاتها . لقد أعتادة القوة الجوية منذ حقبة الستينات على استخدام هذا النوع من مهامها عبر الجحفل الجوي التعبوي او التنسيق المشترك مع القوات البرية وفق نفس سياق الجحفل التعبوي ، ولكن في هذه الحرب أيقنت  قيادة  القوة الجوية عدم امكانية تطبيق هذا النوع من التنظيمات لاسباب عديده أهمها  تعدد المناطق الجغرافيه وسعتها  ومحدودية الجهد الجوي وكثرة طلبات القوات البرية / البحرية لهذا النوع من المهام ، عليه  لهذه الاسباب وغيرها اعتمد التخصيص في بداية الحرب من قبل قيادة القوة الجوية عبر مستشاريها في قيادات الفيالق الا ان هذا الاسلوب ايضاً  اربك عمل القوة الجوية وحدثت  مشاكل لاحصر لها مع مستشاريها في الفيالق خاصة عندما ترفض طلباتهم الغير منطقيه والتي بالامكان معالجتها بواسطة المدفعية والصواريخ الميدانية  كما ان رفض القوة الجوية لطلبات الفيالق جاء بسبب  الخسائر الغير مقبولة بالطائرات التي اعتبرتها اثمن من الاهداف التي تكلف بها ، عليه تم إعتماد التخصيص لهذا النوع من المهام  من قبل مديرية  طيران الجيش للاهداف القريبة من القطعات البرية  بعد انفصاله عن قيادة  القوة الجوية حيث خصص بمعدل  جناح طيران جيش لاسناد  قاطع عمليات فيلق ( كل جناح طيران جيش يضم 3 – 4 اسراب من الطائرات السمتية )، اما الموافقه على المهام فيتم عبر ضباط الارتباط مع هذه المديرية  (1).(سارد الى دور طيران الجيش في الاسناد الجوي القريب لاحقاً) .

بعد السنه الاولى للحرب وتكرار  رفض قيادة القوة الجوية لطلبات الاسناد الجوي القريب للفيالق لعدم منطقيتها  تدخلت القيادة العامة للقوات المسلحة في هذا الشان واصبح تخصيص جهد هذا النوع من المهام  ( الاسناد الجوي القريب  المدبر) من قبلها بعد موافقة قائد القوة الجوية شخصياً عليها  وبالحدود الدنيا حيث تبُلغ القواعد الجويه قبل وقت مناسب للتنفيذ ، اما اساليب تنفيذ مهام  الاسناد الجوي القريب ( المدبر ) التي اعتمدتها القوة الجوية العراقية اثناء الحرب مع ايران كالاتي :-

. القصف من الارتفاعات المنخفضة  جداً  .اعتمد هذا الاسلوب في بداية الحرب ضد الاهداف المعادية المدافع عنها جيدا ًباستخدام طائرات السوخوي/ 7 وسوخوي/ 22  والهنتر ، والميج/ 23  واحياناً الميج/ 21 تسبب عنه  خسائر غير مقبولة بهذه الطائرات ادى الى شل عمل القوة الجوية تقريباً ففي  كانون الاول (ديسمبر ) 1981 أوقف تنفيذ هذا  النوع من المهام حتى أيار (مايس) 1982حيث استغلت القوة الجوية  هذه الفتره في اعادة  تنظيمها وتجهيز  طائراتها التي وردت حديثاً لزجها في المهام القتالية  كالميراج/ ف1 والميج/ 25 وانواع اخرى من طائرات السوخوي/ 22 وإعادة طائرات السوخوي/  20 للخدمه بعد توقف استمر زمناً طويلاً  ، وقد قررت قيادة القوة الجوية العراقية استخدام هذا الاسلوب فقط عند الاضطرار وللمهام المعروفة جيدا  بعد اجراء عمليات استطلاع لها سواء بطائرات الميج 25 او طائرات (الميراخ 100 المسيره)  (*) وذلك لكون الخسائر بالطائرات كانت شبه أكيدة .

. القصف من الارتفاعات المتوسطة / العالية   . تبين لدى القيادة الجوية العراقية ان معظم اصابة طائراتها او اسقاطها بوسائل الدفاعات الجوية المعادية  اثناء تنفيذ مهام الاسناد الجوي القريب كانت باسلحة م/ ط الخفيفة والصواريخ ارض – جو المحمولة على الكتف أو بسبب  تشظي القنابر الملقات من نفس الطائرة بخطأ تقدير الارتفاع من الطيار  ، بعد انسحاب القوات البرية العراقية من الاراضي الايرانيه  في حزيران  (يونيو) 1982 بدأت ايران تعَرضها المنظم تجاه هذه القوات في كافة قواطع العمليات  وهنا برزت الحاجه اكثر الى مهام الاسناد الجوي القريب  ، وعليه قررت قيادة القوة الجوية العراقية اجراء تعديل على اساليب القصف واقترحت على القياده العامة للقوات المسلحة  ان يكون القصف الجوي للاسناد الجوي القريب  باسلوب القصف المساحي باقصى حمولة من القنابر او استخدام الاسلحة العنقودية ذات الانتشار الواسع وقد جرى العمل بهذا الاسلوب في مثل هذه المهام بعد تثبيت مواقع الدفاعات الجوية الايرانية  من قبل طائرات الميراج/ف1 والميج/ 25  حيث يتم معالجتها باسلحة خمد الدفاعات الجويه ( سارد الى ذلك لاحقاً ) ، وعليه اصبح اسناد القطعات البرية يتم من ارتفاع 5000 – 6000  متر بعد اجراء حسابات نظرية دقيقه وتثبيتها باجهزة القصف البسيطة المتوفرة بالطائرات الشرقية وقد أعطى هذا الاسلوب دقه معقوله تجاه اهداف الاسناد الجوي القريب للسنوات 1982- 1988  .

.القصف من الارتفاعات العالية ثم  الانقضاض على الهدف  . هذا الاسلوب شبيه بالاسلوب السابق ولكن الاختلاف هو الانقضاض على الهدف من ارتفاع 6000 – 7000 متر بسرعة عالية  والقاء القنابر بارتفاع 3000 متر ثم دوران وسحب شديد الى خارج منطقة الهدف ( او خارج المدى الاقصى لاسلحة م /ط ) وعليه فقد  ضَمَن هذا الاسلوب تركيز أكثر لمنطقة الهدف نتج عنه دقه  اعلى من الاسلوب السابق اضافه الى تامين حماية اكثر من اسلحة الدفاع الجوي المعادي ، نتيجة المناورة با لارتفاع والاتجاه والسرعة  .

(1)  اللواء الطيار الركن الدكتور  رعد  خميس البيدر : مدير التدريب الجوي في قيادة طيران الجيش :أستيضاح شفوي :خاص بالمراسلات الالكترونيه

(*)  وردت هذه الطائرات عام 1982 وهي تطلق من طائرة سمتية  لمهام الاستطلاع الميداني ثم يتم السيطرة عليها من محطه ارضية  لاسلكياً في استطلاع المواقع المعادية  القريبة من قطعاتنا بشكل مباشر ونقل الصوره الى المحطه الارضيه الا ان نتائج استطلاعها لم يعتمد عليها لكونها غير دقيقة وتم الاستغناء عنها في نهاية الامر ) .