القصف الجوي الاستراتيجي من الارتفاعات والسرع العالية جداً

16 يناير , 2017

بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران (1980 – 1988)

الحلقة الرابعة  عشرة

د علوان العبوسي

16 /1 /2017

كانت الحرب مع ايران  عبارة عن مختبر أنجزت القوة الجوية والدفاع الجوي الكثير من الانجازات منها النظرية والعملية والتطويرية  لتحسين ادائهما المهني  ، من الامور التطويرية المهمة  تحوير منظومة الاستطلاع التصويري (بيلنك) لطائرة الميج 25 وجعلها منظومة لقصف القنابر بسرع وارتفاعات عالية جداً ( ارتفاع 23000 متر وسرعه 2.5 ماخ ) اضافة لواجبها الرئيسي ، ففي عام 1985 قامت مجموعة من مهندسي وفنيي  القوة الجوية تقديم دراسة حول  امكانية استخدام هذه المنظومة لاغراض القصف  الجوي أضافة ًلاختصاصها التصويري  ، وبعد مفاتحة الخبراء الروس العاملين في قاعدة تموز الجوية استحسنوا الفكرة وتعهدوا باسناد المشروع الذي لم يسبق للاتحاد السوفيتي استخدامها لهذا الغرض ، أستغرقت الدراسة و التجارب النظرية والعملية  حوالي شهرين  حتى اصبحت النتائج مشجعة لاستخدامها ضد  الاهداف الايرانية بعد صنع قنابر حرارية في هيئة التصنيع العسكري ذات مواصفات خاصه تتحمل الحرارة العالية  زنة 400 كلغم  ، عادة كانت الحمولة المستخدمة لهذه المهام ( 4 x 400 كلغم قنابر) ، وقد ساهمت طلعات الميج/ 25 بقصف جزيرة خرج وبعض الاهداف الاستراتيجية المهمة  ومعظم المدن الايرانية نهاراً وليلا  عندما قرر العراق المباشره  بقصف هذه المدن  عام 1987  .

 

ضرب جزيرة خرج بطائرات الميج 25 من ارتفاع عالي

 القصف الجوي  الاستراتيجي العميق  بستخدام الارضاع الجوي  

كانت خطط القصف الجوي الاستراتيجي واسعة جداً شملت كل المفاصل الحيوية الايرانية سواء باستخدام القاصفات الثقيلة او بطائرات الميج 25 او متعدد المهام او بالمقاتلات القاذفة  ، فضلاًعن الاهداف الطارءة  التي كانت ترد الى قيادة القوة الجوية  من القيادة العامة للقوات المسلحة والتي تقع تحت هذا البند   ، وقد ركزت الخطط باسبقية عالية على منظومة النفط والغاز(  خاصة منظومة تصدير النفط كمنصات التحميل في جزيرة خرج ومحطات ضخ النفط الى موانىء التصدير وحقول انتاج النفط الاخرى ) وبالفعل عند تطبيق الخطة  بدأت ايران تناور بدفع بعض مفاصل التصدير الى اقصى جنوب الخليج العربي بنقل النفط بسفن او ناقلات صغيره نسبيا ًالى موانىء تصدير بعيدة جدا َظناً منها ان الطائرات العراقية يعوزها المدى للوصول اليها علية تحولت  الى جزيرة( سرّي) 700كلم  عن حدود العراق الدولية ولما تبين لها انها استهدفت ايضاً حالها حال جزيرة خرج وغيرها بدات تفكر الابتعاد اكثر فاختارة جزيرة ( لافان ) القريبة من الساحل الايراني،  ولكن عمليات الاستطلاع الجوي العراقية كانت تلاحقهم وتتعقبهم باستمرار ثم تخطط للاجهاز عليهم وقد نفذت الطائرات القاصفة  B6D بستخدام صواريخ (C601 )جو- سطح العديد من  المهام من مسافة 100 -150 كلم على ناقلات النفط في هذه الجزيرة  . في 5/10/1987 نفذت القوة الجوية العراقية ضربة جوية ناجحة باربع طائرات ميراج/ ف1 على هذه الجزيرة( سري ) ومنشآت التحميل فيها أفقدت ايران صوابها ،  نفذت  بطريقة الارضاع الجوي  خلال خط الرحلة الى الهدف من طائرات ميراج اخرى ، بعد ذلك فكرت ايران الذهاب ابعد من ذلك واخيراً استقر رايها على مضيق هرمز كخيار اخير لكنه مكلف ماديا وذلك بعد ان قامت بنصب دكات نفطية عائمة عملاقة (ميناء عائم) يتم تجهيزها بالنفط بصورة مكوكية من حقول نفط ( أمام حسن )وغيرها  وبدورها تقوم هذه الدكات تجهيز ناقلات نفط عملاقة تتجاوز حمولتها (400000)طن وبغرض السرعة في الاملاء كان  يجري ملىء ناقلتين من هذا الحجم في آن واحد ، لذلك يعتبر الهدف دسماً ومؤثراًعلى الاقتصاد الايراني ، عليه كان تصميم القوة الجوية العراقية تدمير هذه الدكات مهما كلف الامر رغم المسافة البعيده التي جاوزت 1200 كلم عن الحدود العراقية الدولية  .

يروي (مدير الحركات  في قيادة القوه الجوية العراقية عام 1987 ) المعاضل التي ترافق تنفيذ مثل هكذا مهام  ماياتي  …((  كان هناك عدد من النقاط المهمه يجب معالجتها قبل تنفيذ مثل هكذا مهام جوية منها اولا. بعد المسافة وهذا امر ممكن معالجته بالارضاعات  الجوية المتتالية ( تتطلب 3 مرات ارضاع جوي )ثانيا أجراء استطلاع جوي للتاكد من وجود الناقلات وهذا امر ايضاً مقدور عليه باستخدام طائرات الميج/ 25 الاستطلاعية ، ثالثا. ًفي حال عطل طائرات الضربة الجوية او في حال تعرضها للدفاعات الجوية الايرانية فهل يمكن الهبوط في دولة الامارات العربية المتحدة  ، عندها قمت بزيارتهم  وطلبت منهم ذلك لكني لم اتلقى جواب بالموافقة او النفي وذلك لعدم رغبة دولة الامارات ان تكون طرفا ًفي الصراع الدائر بين العراق وايران  ، رابعاً. الوقود المتبقي بعد 3 مرات ارضاع جوي يكفي للوصول الى الهدف لكن ماتبقى منه بعد انجاز المهمة لايكفي العودة الى مطار الاقلاع عليه كان قرار قيادة القوة الجوية الهبوط في القواعد الجوية  السعودية ( في الظهران ) واذا كان الوقود لايكفي الى الظهران يتم الهبوط في دولة الامارات العربية المتحدة )).

 نموذج لتنفيذ ضربة جوية على الميناء العائم الايراني في مضيق هرمز    

التخطيط

مصادر المعلومات في قيادة القوه الجوية العراقية  افادة ان الميناء العائم لديه القدرة على تحميل سفينتين عملاقه في آن واحد ،عليه تم أختيار الهدف وهوسفينتين عملاقه تدعى (وايس جاينت )حمولتها (600) الف طن من النفط ابعادها  325م× 60م وذات برج يتكون من 11 طابقاً ، عليه كانت هذه الابعاد مثاليه للقصف ، تم اختيار الطيارين المنفذين للضربه وهم ( !) من السرب 91 ميراج/ ف1 وبعد اجراء الحسابات التكتيكية لتامين وصولهم للهدف المذكور تبين الحاجه تدعوا تامين 14 طائرة تسع منها للارضاع الجوي  واثنان لاغراض المخادعة لسحب اي نشاط للطيران الايراني وجلب انتباهه بعيداً عن تشكيل الضربة الجوية الرئيسة ، وقد تم القرار على النقاط التي يجري فيها الارضاع ، اما اسلوب الارضاع يتم  من ستة طائرات ميراج الى الستة الاخرى بضمنها طائرات الضربة ، على ان تعود الطائرات المرضعة الاولى بعد انجاز عملية الارضاع الى قاعدة الوحدة ( الشعيبة ) الجوية ، ومن ثم يجري الارضاع الثاني من ثلاث طائرات مرضعة الى طائرات الضربة الثلاث التي ستستمر نحو هدفها أما المرضعات  فستعود الى مطار الظهران في السعودية ( دون اتفاق مسبق مع السعودية ) لقد وضع بالاعتبار عند التخطيط مواقع سفن الاسطول  الامريكية المتواجدة في الخليج العربي عليه تقرر ان يكون خط الرحلة الجوية  يمر بمحاذات الجانب الغربي من الخليج العربي أقرب منه الى الجانب الشرقي .

 

 

قصف الميناء العميق

الاستحضارات والتنفيذ

بالنظر لخصوصية المهمة فقد ركزت قيادة القوة الجوية العراقية على تدريب الطيارين المنفذين وفق ما جاء بالخطة باستخدام بحيرة الرزازه بعد اعداد منضدة  رمل  موَقع عليها كافة تفاصيل  المهمة ، بعد استلام أمر التنفيذ تم حشد 14 طائرة ميراج/ ف1 بمطار ارطاوي ( 20 كلم غرب قاعدة الوحدة الجوية) ليكون بعيد عن الكشف الراداري الايراني  ، في يوم 14 نيسان ( ابريل ) 1988 انطلقت 14 طائرة منها 3 طائرات حمولتها  2 قنبره عيار 2000 باوند حرة السقوط براس خارق + خزان وقود عدد 2  سعة 1200 لتر(طائرات الضربة)  اما باقي الطائرات فكانت محملة بالوقود وصاروخين (ماجك500 جو – جو) للدفاع الذاتي .لقد تمت عملية الارضاع الاولى والثانية بنجاح ولم يبق في الجو سوى طائرات الضربة الضربة الجويه الثلاث وهي تتسلل باتجاه باتجاه الميناء العائم الايراني ، الطائرات تقترب من الهدف بسرعة 980 كلم /ساعه وآخر نقطة ملاحية للدلالة هو مضيق هرمز الذي يتجه منه التشكيل شمالا لمعالجة الهدف باتجاه جزيرة لاراك ، وفي الوقت المقرر أصبحت طائرات الضربة بالارتفاع المناسب للانقضاض باتجاه الهدف حيث اطلقت اسلحتها التي توجهت باتجاه الميناء العائم وتمت اصابته اصابة مباشرة بعدها غادرت  طائرات الضربة منطقة الهدف متجهه الى دولة الامارات العربية المتحدة في محاوله للهبوط في قواعدها الجوية لكنها رفضت استقبالهم عندها قرر قائد التشكيل الهبوط في مطار الظهران بسلام ،كانت نتائج الضربة الجوية (احتراق وغرق ناقلة النفط -أبوايس جاينت- ، احتراق وغرق ناقلة النفط الاسبانية – برشلونة –   احتراق وغرق ناقلة نفط تركية)  .

وبهذا تكون القوة الجوية العراقية قد اجهزت على آخر معاقل منظومة تصدير النفط الايرانية  وحرمانها من اهم مصدر  لتموين الحرب مما ساهم ذلك بالتعجل في وضع نهاية لها (1)  .

 

الضربة الجوية على الميناء العميق في سري

المصادر

(1).لواء طيار ركن دكتور علوان حسون العبوسي: القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراقي في الفترة 1931 – 2003 : ص ص 232- 237 الاكاديميون للطبع والنشر :الاردن :2014 .

تشكر ادارة موقع شهداء سلاح الجو العراقي  الاستاذ مهند عبد الجبار الشيخلي للتصاميم الرائعة التي يمد بها الموقع بصيغة التبرع للموقع فالف تحية وتقدير