بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران

11 ديسمبر , 2016

بعضاً من ادوار اسلحة الجو العراقية في الحرب مع ايران

1980 – 1988

الحلقة العاشرة

د علوان العبوسي

11 / 12 / 2016

 

الاستطلاع الجوي

يعتبر الاستطلاع الجوي من اهم المهام الرئيسة ( الغير مباشرة ) للقوة الجوية في العمليات التي تنفذ لاغراض مختلف صنوف القوات المسلحة ، تقوم بتنفيذه عادة طائرات الاستطلاع الجوي المجهزة بمعدات مختلفة قادرة بوقت قصير على مسح اراضي واسعة وتصوير مسافات كبيرة من اراضي العدو وهناك ثلاث انواع من الاستطلاع الجوي (بصري وتصويري والكتروني ) .

الاستطلاع الجوي البصري( المسلح وغير المسلح)

استخدم الاستطلاع الجوي البصري المسلح وغير المسلح  في العديد من المهام الجوية للفتره 4 – 22 /9/1980 لكشف التحشدات الايرانية على الحدود العراقية الايرانية و تم معالجة بعض الاهداف خاصة المدفعية الثقيلة التي كانت تقصف المدن العراقية ،  وقد شملت منطقة الاستطلاع المنطقة الوسطى من العمليات الواقعة مابين  بدرة وجصان شرق محافظة الكوت لغاية محافظة السليمانية وفي العمق الايراني المحاذي لهذه المناطق لمسافة 50 كلم تقريباً  وبالارتفاعات المنخفضة  جداً ، اما طرق ايصال المعلومات  الفورية والمهمة الى القيادات الميدانية والجوية فكانت تتم عبر طائرات خفيفه ( نوع برافو) وهي تطير بارتفاع عالي تستلم تقارير الاستطلاع البصري  من طائرات الاستطلاع مباشرةً و توصلها  لاسلكياً الى القاعدة التي انطلقت منها طائرة الاستطلاع او الى قيادة القوة الجوية او الاستخبارات العامة  حسب نوع مهمة الاستطلاع   لاتخاذ الاجراء السريع وتخصيص جهد جوي  اذا تطلب الامر ذلك اما الاسلوب الاخر فكان يتم بعد هبوط طائرة الاستطلاع وكتابة تقرير المهمة من قبل الطيار حيث يتم ارساله عبر غرف حركات القواعد الجوية  عن طريق جهاز الارسال التصويري ( جهاز نقل الصوره ) الى قيادة القوة الجوية لتثبيت المعلومات المحصل عليها على خارطة الموقف العام.

ألاستطلاع الجوي التصويري

تقوم به طائرات الاستطلاع الجوي المخصصة  لجمع المعلومات الدقيقة عن العدو ( مناطق تحشده وانفتاح قطعاته واماكن احتياطاتة التعبوية والاستراتيجية وفعالياته المختلفه وانواع اسلحته البرية والجوية ودفاعاتة الجوية  …الخ ) ، كانت القوة الجوية العراقية قبل الحرب مع ايران تعاني من عدم وجود الطائرة الملائمة  لتنفيذ مهام الاستطلاع  بكل دقه وكفاءة عدا السرب /70 المسلح بطائرات الميج/ 21 R   بالرغم من التحديدات الفنية العديدة لكاميرات التصوير التي تحملها هذه الطائرة والتي لاتلبي كل  متطلبات القوات المسلحة (تحمل 6 كاميرات آفا 39 ذات  البعد البؤري 10 سم لكل كاميرا)  ، وقد تم استخدامها في الحرب لاستطلاع المواقع الايرانية القريبة من القطعات البرية العراقية بدءاً من الحدود الجنوبية مع ايران صعوداً الى المثلث  العراقي الايراني التركي  ، كانت المعلومات المحصل عليها لاتخدم سوى القوات البرية  لاعماق  بسيطه  لاتتجاوز 20 –30كلم تبعاً لمحدودية كامرات التصوير . كما  توفرت آنذاك  معدات استطلاع اخرى  بسيطة تحملها   طائرات السوخوي/ 7 و22  وهي عباره عن كاميرا واحده ( نوع أفا 39 ) المشار اليها آنفاً  للتصوير العمودي فقط تغطي مساحات بسيطة ويشترط تواجدها فوق الغرض المطلوب تصويره ولم يتم استخدامها كثيراً  في  الحرب مع ايران .  تطورت مهام الاستطلاع الجوي التصويري بعد وصول طائرات الميراج/ ف1 الى العراق في عام 1981 بعد التعاقد مع الجانب الفرنسي  بتجهيز هذه الطائرات بحاويات أستطلاع تصويري نوع (CORT-2 )  وارسال عدد من الطيارين للتدريب عليها في فرنسا ، هذه الحاويات تستطيع القيام بالاستطلاع الجوي العمودي والمائل وبكافة الارتفاعات وكذلك التصوير الشامل والاستطلاع الحراري ، شُكل منها  السرب 79 ميراج/ ف1 R وكلف بكل مهام  الاستطلاع التصويري قبل مباشرة طائرات الميج 25 بهذه المهام ، وتتلخص مهام هذا السرب  القيام  بالاستطلاع التصويري بارتفاعات 6 كلم داخل الاراضي الايرانية على شكل تصوير مساحي  مسافة 40-60 كلم بتغطية 11 كلم على الارض ، وقد نفذت مئات المهام  في عمق الاراضي الايرانية خلال الاشهر الاولى من الاستخدام ، تضاعف هذا الرقم بعد تكامل تدريب الطيارين  لهذه المهام ، ثم تعاقدت قيادة القوة الجوية العراقية مع فرنسا على منظومة ألاستطلاع المائل ( هارولد ) وهي عبارة عن حاوية ذات تقنية عالية بامكانها تصوير الاراضي الايرانية من داخل الحدود العراقية  وبدقه عاليه( لغاية متر مربع واحد ) علما تم استخدام هذه المنظومة لاول مره في العراق و لم تدخل الخدمة بعد لدى القوات الجوية الفرنسية ، استمر تنفيذ مهام الاستطلاع الجوي التصويري بهذه الطائرات لحين تكامل تشكيل السرب 97 ميج/ 25 في نفس العام  حيث تكفل هذا السرب بكافة مهام الاستطلاع الجوي التصويري لامكاناته  العالية بمثل هذه المهام  واصبح لدى القوة الجوية العراقية والقوات البرية والبحرية معلومات دقيقة ومفصلة عن كافة الاهداف المعادية  بعمق الخريطة الايرانية  ، اما اسلوب الاستطلاع التصويري  لطائرات الميج/ 25 فكان يتم بارتفاعات وسرع عالية جداً( 22 – 25 كلم وبسرعه مرتين ونصف من سرعة الصوت – 2.5 ماخ ،  حوالي 2500 كلم /ساعه) ، وبفترات زمنية معينة انطلاقاً من  مبدأ الاستمرارية  لتحديث المعلومات  ،  وقد جهزت القواعد الجوية بخرائط تصويرية كاملة  عن ايران  استفاد منها الطيارين كثيراً عند تكليفهم  بالمهام القتالية ناهيك عن عمل مناضد الرمل التي كانت تقوم بها هذه  القواعد في ايجاز الطيارين مستندين الى المعلومات الموضحة في الصور الجوية ، من الامور الاخرى التي استفادة منها القوة الجوية العراقية  هي معرفة نتائج الضربات  الجوية المنفذه ضد  ايران بعد ان كانت غير معروفة جيداً   في بداية الحرب  حيث يتم  تخصيص طائرة للاستطلاع التصويري لتصوير نتائج هذه الضربات وتقرير نتائجها للقرار على اعادة الضربة او الاكتفاء بها  .

الاستطلاع الجوي الالكتروني والراداري

الاستطلاع الجوي الالكتروني كانت بداياته محدودة لدى القوة الجوية العراقية وغالباً المعلومات المحصل عليها بواسطته غير دقيقة وقريبة من تلك   المحصل عليها من المنظومات الارضية الموجوده في وحدات المعدات الفنية التابعة لكتائب الانذار والسيطرة ، في اثناء الحرب مع ايران  وردت معدة روسية للاستطلاع الالكتروني  نوع ( KN23 )وهي حاوية تحملها طائرات السوخوي/ 22 ،  تدَرب عليها طياري السرب 109  واجرو عليها عدد من الطلعات الاستطلاعية  الناجحة  في استكشاف بطريات صواريخ هوك (ارض – جو) المنتشرة  بمحاذات الحدود العراقية الايرانية في القاطع الجنوبي من ساحة العمليات وبتحسن اداء الطيارين أجريت العديد من مهام هذا النوع من الاستطلاع في العمق الايراني بالارتفاعات المنخفضة  (500 متر )  وجرى التخطيط لتجنب هذه الصواريخ  اثناء الضربات الجوية . استمر العمل بهذه الحاويات لحين ورود معدات الاستطلاع الالكتروني المتطورة جداً نوع ( سايرل ) التي تحملها طائرات الميراج/ ف1  وتستطيع هذه المعدة  كشف مواقع الرادارات الايرانية من حيث ( عددها وانواعها والترددات العاملة عليها ) كما أستلمت القوة الجوية العراقية محطات أرضية لاستلام الترددات مباشرة من الطائرة لغرض تحليل الواجب ،  بالاضافة الى  فلم (تيب) داخل حاوية الطائرة ايضا يرسل الى امرية المعدات الفنية  لمقارنته مع المعلومات المستلمه من قبل المحطة الارضية  .

استطاعت القوة الجوية العراقية من خلال هذه المهام  تحديد مواقع  جميع بطريات صواريخ ارض- جو (الهوك والرابير)  الايرانية في كافة قواطع العمليات وتثبيت تردداتها لغرض معالجتها لاحقاً بصواريخ راكبة الشعاع الروسية (X-28 ) في بداية الامر ثم بصواريخ ( البزار)  الفرنسية التي يبلغ مداها اكثر من 100 كلم ( سارد اليها لاحقاً)  .

في بداية  عام 1987 استلمت القوة الجوية العراقية حاويات الاستطلاع الراداري ( سلار)التي تستطيع استطلاع الاراضي الايرانية  من داخل الحدود العراقية ولمسافة 80 كلم وفي كافة الاجواء ليلا ونهاراً ، استخدمت هذه الحاوية  لاول مره في العراق قبل استخدامها في فرنسا . في هذا السياق من المفيد ان اذكر انه تم تحوير و تجهيز طائرة البوينغ 727 الايرانية بعد لجوئها الى العراق أثناء الحرب  وتحويرها الى  طائرة أستطلاع الكتروني ( راداري / لاسلكي ) وقامت بتنفيذ العديد  من مهام  الاستطلاع الالكتروني الناجح من الارتفاعات العالية وباعماق تصل لغاية 150 كلم تقريباً في العمق الايراني واطلق عليها تسمية  طائرة الفاو  .

المصادر

  1. اللواء الطيار الركن صلاح اسماعيل
  2. اللواء الطيار الركن قيس ربيع
  3. العميد الطيار الركن محمد طارق عمر
  4. العميد المهندس احمد ابراهيم .
  5. اللواء الطيار الركن دكتور علوان العبوسي (كتاب القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراقي في الفترة 1931- 2003).